لم يخلق الله تعالى أي شيء بصورة عبثية، فإن لكل روح هدفها في هذه الحياة، كل واحد منا له روح خلقها الله تعالى لتكون في هذه الحياة لها هدف محدد في الحياة.
[embed_video type=”youtube”]https://youtu.be/9y8nn2K9_hs?si=bvukuB-ubXX7L-1N[/embed_video]
مع ازدياد التكنولوجيا والوسائل الحديثة، فإننا نجد أن الكثير من الناس فقد الشغف، بل وأصبح الكثير منهم لا يعرف واجهته في هذه الحياة، بل وأصبح السؤال المطروح لدى البعض ما الهدف من الحياة أساسًا؟
غالبًا ما نجد أن هذا السؤال يطرح نفسه كثيرًا بالأخص للأفراد ذوي الإيمان الضعيف، فإن عدم التمسك بقوي أقوى منا أو الضعف الإيماني يجعل هذا السؤال يطرح نفسه بصورة ملحة، ولعل هذا هو أحد أسباب فقدان الشغف بصورة كبيرة، فإن الحياة رغم من وُجود الكثير من الممتلكات والأشياء التي جعلت الحياة علينا سهلة كبشر إلا أننا في الوقت نفسه أصبحت لدى البعض بلبي أدنى معنى.
إنها رحلة البحث عن المعنى أو البحث عن القيمة الحقيقية للبشر بين طيات هذه الدنيا، فإنني وبعد رحلة من البحث العميقة عرفت أن الحياة إذا كنت فيها غير متعلق بالله تعالى فإنك ستشقى بلا أدنى شك، ولعلني أقول لك إنك إذا ما تعلقت مثلًا بالمال وأصبح المال هو شغلك الشاغل، فأصبحت تبحث عليه بشراهة كبيرة، فإنه سيصبح المسيطر عليك في كل جوانب حياتك، بل إنه قد يؤثر في كافة جوانب حياتك بالسلب، فإنه إذا لم تحصل عليه سيؤدي بك الأمر إلى المتاهة التي لا تنتهي.. رحلة بلا عمق ورحلة بلا نهاية، فمهما بلغ مقداره معك ستكون أقل من أناس آخرين.. هل كثرة المال هي السعادة؟
سأترك السؤال لك أن تجاوبه أنت.
أما إذا ما كانت الأشياء هي التي تمتلكك أو المناصب، فإن مع ذهاب وضياع أي واحد منهم فإنك ستعرف أنك بلا أدنى قيمة، أو أن قيمتك منقوصة لأن الأشياء التي أصبحت تحدد من أنت حقًا. لطالما ظننا أن نملك الأشياء والمناصب ولكن حقيقة الأمر هي من أصبحت تملكنا في هذا العالم.
أصبح البشر يضعون قواعد ثابتة أنه كلما زاد مقدار المال الذي معك في الحسابات المصرفية أو الاستثمارات كنت سعيدًا.. مع العلم بأن السعادة ليست المال فإن المال وسيلة وليست غاية في حد ذاتها، وأن المعايير التي وضعها البشر هي معايير من قبل وعي كل فرد فينا، فإنه كلما زاد الوعي اتسعت الرؤية لترى ما لم تكن لتراه من قبل.
البعض يملك العيون الواسعة لرؤية العالم والبعض الآخر مغيب ولو كان بصيرًا، فما عاد يرى إلا لما كتب له أن يرى، فإن الرؤية مقصورة بالسعي، والحكمة أن تحصل عليها من الله الوهاب تعالى هو القادر أن يأخذك إلى هذه الحالة فقط من الوصول إليه، حيث لا مأوى منه إلا إليه.
سأعدّ الأمر كله رحلة تخطوها يومًا بعد يوم ولحظة بعد لحظة هي رحلة تعتمد على الحب، لأن ربان السفينة هو الحب والعطاء، وليست كثرة تكديس الأشياء والمناصب والأموال فإن ما ستجمعه اليوم غدًا لن يكون لك.. لا أقول لك أن تكون متواكلًا.. لا، بل كن متوكلًا على الله تعالى، واسعَ بجد واجتهاد، ولكن لا تجعل عدم الوصول لما ترغب إليه أو النهم الشديد يعطلك في رحلتك، فإن لكل منا رحلة قدرت له من الله تعالى عز وجل، فارضَ برحلتك على هذا الكوكب تكون أسعد الناس.
في كتاب “لواين داير” – السعادة هي الطريق – وضَّح “د.واين داير” أن السعادة ليست هدفًا نصل إليه في نهاية النفق المظلم، بل هي طريق علينا جميعًا أن نمضي به وأن نقدر قيمة النعم العظيمة التي أنعم الله علينا بها، فإن كثرت أو قلت فإنها لا تزال نعمًا يتمنى معظمنا ولو ربعها، فلا تعتد على النعم، وكن دائم الشكر والحمد لله تعالى عليها.
رحلة البحث عن المعنى بل أطلق عليها غزاة الكنز المفقود، فإنك تبحث مثل “انديانا جونز” في أحد أشهر أفلامه غزاة الكنز المفقود، وهو الكنز الذي طالما كنت تملكه منذ المعهد، ولكن مع تراكم الأتربة لم تعد تراه حولك فإنه كنز دفن مئات السنين بداخلك، تراكمت عليه الأتربة في أحيان كثيرة فما عدت تراه.. لماذا لا تفعل ما تحبه بحق؟
السؤال أرقني كثيرًا فإنه عندما كنت أفكر في الكتابة، كنت أقف وأقول من سيقرأ لي أساسًا؟ وكنت لا أكتب ولو حرفًا واحدًا، وظل الحال سنون بهذا الشكل إلى أن أخذت قرارًا أن أكتب مهما كانت النتيجة، فالمهم أن أعمل الشيء الذي أحبه ألا وهو الكتابة، ومنذ ذلك الحين فإن قلمي لا يقف وحبري لا يجف، وأتمنى من الله تعالى أن استمر في نشر العلم حولي، بل الذي أريد أن أقوله لكم إنني منذ أن بدأت في الكتابة أصبحت الكلمات تتدفق مني كأنني مرآة صافية تكتب بلا توقف أو ملل فلا أعرف كيف!
ولكن الذي أعرفه أن بداخلي شيئًا ما يقول لي لا توقف الكتابة أبدًا، فإنك خلقت لكي تكتب هذا ما أنت عليه، انشر العلم والكلمات بين الناس، لا يهم النتيجة لا يهم من سيعجبه ومن لا، المهم أن تكتب وأن تستمر إلى الأبد فإن هذه هي رحلتك مهما بدت هذه الرحلة غريبة بعض الشيء لدى البعض.
لكل واحد منا هدف في هذه الحياة، بل اعلم أن الله تعالى قد جعل أيضًا بخلاف أهدافك مزايا بروحك تستطيع أن تبهر العالم بها حقًا، ولكن هل أنت حقًا مستعد أن تطلق هذه المواهب التي خلقك الله تعالى بها أم ستظل كما أنت في مكانك؟
الخوف ودائرة الأمان من المعطلات القادرة على جعلك كما أنت واقفًا لا تستطيع التحرك ولو لخطوة واحدة إلى الأمام، بل الخوف كفيل بقتل كل طموحاتك، لذلك كلما وقفت في مكاني أمام الخوف أقول أنا أتقبل الخوف واقبل الجزء الداخلي الخائف منه وأقبل المقاومة له، بل وأشكره على وقوفه بجانبي في أحيان كثيرة، بل ويمتد الأمر أن أقف وأجرب أسلوب المرآة، وهو أن أقف أمام المرآة وأقول له بكل صدق شكرًا لك أيها الخوف الذي علمني من أنا حقًا وأين أريد أن أكون.
هدفنا أن نعبد الله تعالى حق عبادته، وأن الله يرشدنا إلى النور. في سورة البقرة توجد آية عجيبة يتحدث الله بها عن أن طريق النور واحد، وأن الظلمات كثيرة ومتعددة، فعندما وقفت أمام هذه الآية وتدبرتها وجدت نفسي أن عليَّ البحث عن هذا النور ولا يزال البحث حتى هذا اليوم مستمرًا، فإن النور هذا بالداخل وليس بالخارج فإن البحث عن المعنى لهذه الحياة بداخلنا جميعًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) صدق الله العظيم.
فإن طرق الظلام كثيرة وأولياؤها الطاغوت أو قوى الشر والشياطين، أما قوى النور التي تهدي لله عز وجل فهي جميلة ومشرقة فهي أولياؤها الكائنات النورانية كالملائكة هكذا وصلت إلى هذه الآية، ومن خلالها أصبح لي هدف يومي هو أن أصل إلى هذا النور، وأن هذه الرحلة اليومية هي رحلة وصول بإذن الله إلى الجوهر الحقيقي لهذه الحياة.
إن الأحلام لا تموت بل هي حقيقية، فإن طاقة الأحلام كبيرة بداخلنا كلنا، بل إن الله تعالى أعطانا الحيرة فيها، حتى وإن لم تكن تملك الكثير ففي أحلامك تستطيع أن تحقق الكثير، بل إن الكثير حوَّل أحلامه لواقع، وهنا ما أريد أن أقوله إن الإيمان بالأحلام قد يكون سببًا لمعنى هذه الحياة، فإن الإيمان بقوة أحلامك ومدى قدرتك على تحقيقها هو أيضًا سبب قوي لأن تستمر في الحياة وبداخلك شعلة من شعلات الحماس القوية.
شعلة هدفها الاستمرار والمضي قدمًا للأفضل بإذن الله تعالى، أنا ممتن لكتابة هذه الكلمات اليوم، لأن الموضوع مشوق ولم أكن أعرف ما سأقوله، ولكن وعيي أرشدني إلى النقاط التي أرغب أن أتحدث بها اليوم إليكم في هذا الفصل عن الأمل، عن ضرورة وُجود شعلة الأمل والأحلام بداخلنا، فتخيل معي لو أن الإخوان لم يريا حلمًا بالطيران فهل كنا سنطير اليوم؟
إن الأحلام إذا ما صدقتها ستجعلك تفكر خارج نطاق المألوف وخارج نطاق الصندوق بلا شك، أما إذا أحبطت نفسك فإن النتيجة ستكون عكسية بلا أدنى شك، فإن الإحباط يميت الأحلام، فإن الأموات فقط هم من لا يملكون الأحلام، حيث انتهت رحلتهم الأرضية، ولكنهم في رحلات أخرى؛ لذا ما دامت بك نفس أدعوك إلى الحلم والعمل والسعي والتوكل الحق على الله، وأن تكون أحد عمال النور، وأن تنشر الخير والحب والسلام، وأن تكون أنت حقًا ولا أحد غيرك فإنني أعلم أن الكثير من البشر منذ أن تولد سيعمل على تغيير بوصلتك الخاصة، أقول لك اتبع رحلتك وبوصلتك الخاصة، وأن تركك الجميع، المهم في الأمر أن تفعل الأمر الصحيح، وألا تمضي مع رفقاء السوء، فتضل عن سبيل الله وتغرق في التيه والظلمات.
إن تُهت في الظلام فاعلم أنك إذا ما صدقت النية فإن النور سيجدك حتمًا، واعلم أنه عندما يكون التلميذ جاهزًا سيظهر المعلم ليأخذ بيدك، كل ما عليك هو الإيمان والسعي، وأن تكون حياتك مبينة على الحب والعطاء وليس السلب والأخذ والنهم على الأشياء كلها، فكل الأشياء وهم وفناء، والبقاء معه فقط حياة وكل ما هو دونه سراب، والسعي وراء السراب عذاب وإن طاب، والبعد عن جلال وجهه هلاك، فابحث عن النور من اليوم بداخلك ولو ومضة في إناء أو مصباح فإنك ستصل حتمًا صديقي، وإن طالت الرحلة فإن مسير الرحالة الوصول وإن بعد الميعاد.
أنت المعني والدليل ابحث عن معناك وليس معاني غيرك، ابحث عن نورك الخالص الذي ولدت عليه، لا تضمر لأحد الكراهية والبعض، كن علامة من نور ومصباح لمن ضلوا الطريق، كن علامة واعلم أن كل واحد منا علامة في طريق الآخر، وأن الطريق سيختارك وليس أنت من يختاره.