قانون الوفرة والنَّدرة
قانون الوفرة والنَّدرة إن فطرتنا تتناغم مع قانون الوفرة، إلا أن أفكارنا تتعارض أحيانًا معه وتقتنع بأن كل شيء نادر… مع العلم بأن الله خلق كل شيء على قانون الوفرة؛ لذلك تجد أن الأطفال دائمًا ما يسعون لكل شيء طبقًا لهذا القانون فهم يرغبون في كل شيء لاقتناعهم التام بهذا القانون ألا وهو قانون الوفرة وليس النَّدرة… عندما نكبر في السن يعمل عقلنا على إضفاء قانون آخر ألا وهو أن كل شيء قليل وشحيح وغير متواجد فيبرمج عقلنا الباطن ذلك ويحفظه، بل يجعله واقعًا نحيا به ونتعايش معه كل دقيقة تمرّ تعمل على إقناعك بأن ذلك هو المصير الحتمي الَّذي توجب عليك التعامل معه يوميًا “قانون النَّدرة”، مع العلم بأن الله تعالى قد خلق من كل شيء الكثير، أي وفقًا لقانون الوفرة وليس النَّدرة.
إذا ما تفاءلت بالخير فإن ذلك سيجذب قوة الخير والتفاؤل إليك مما ينعكس على وعيك الطاقي، وشكلك، وسلوكك، وأفعالك، وإدراكك، لما هو حولك.
الواقع الذي تعيشه ما هو إلى انعكاس لما في داخلك، فعندما تصف ما في داخلك تعرف اتجاهك، وإن الكون يعكس كمرآة صافية لوعيك وطاقتك، والذبذبات التي ترسلها فإذا ما أدركت الكون حولك تجد أنك غير منفصل عنه في السالب والموجب، فإن الدوران بالكون كما هو بداخلك، فأنت متصل بطاقات الكون ولست منفصلًاً عنها.
إن النور والظلام بداخلك هو نفس النور والظلام الموجود بالكون، وإن الفصول الأربعة التي تمرُّ على الأرض تكون مثيلتها بداخلك، فأنت أوقات تكون سعيدًا، أو مكتئبًا، أو قلقًا، أو حزينًا، أو تشعر بالدفء أو الإلهام، فإن كل هذه الفصول قد تمرُّ عليك خلال حياتك، أو في ذات اليوم، وإنك لم ولن تكون منفصلاً عما هو خارجك من الكون فأنت تتخلى عن أفكارك القديمة، أو علاقات قديمة، أو تنسى أماكن، أو أشخاصًا ما، تتساقط الأوراق كما تتساقط في فصل الخريف، وتزدهر أحيانًا، وتموت أحيانًا، وتشرق أحيانًا أخرى، وتظلم أحياناً أخرى فأنت متصل.
فالسلبيون تربة خصبة للطاقات السلبية الموجودة في الكون ويسحبون هذه الطاقة، بالتالي تنخفض مستويات الوعي لديهم، وإن أصحاب الوعي العالي ذوو سلام داخلي من الداخل، بالتالي ينعكس ذلك عليهم وعلى طاقتهم الكونية واستقبالهم وإرسالهم للرسائل للعالم الخارجي يكون قويًا بشكل كبير.
فإن ما تراه بعيدًا هو قريب منك بشكل ما.
الكون يعيد تشكيل نفسه ليظهر حقيقتك كما هي دون تزييف، أو رياء، أو تعظيم، أو تقليل.
فإن جسدك يتفاعل مع مخاوفك الداخلية ويعبر عن المرآة لتلك المشاعر بطريقة ما، ويعكسها مرة أخرى إليك لتكن هي واقعك واستحقاقك في الوقت الحالي، ويقول البعض: إننا كلنا نحمل الأنوثة والذكورة بداخلنا قوة الين واليانج، فكلا الطاقتين موجودتان بالداخل، فإن الخارج بداخلنا.
المرض تعبير لما بداخلك، فعلى سبيل المثال إذا ما أقنعت عقلك الباطن بالمرض فإنك ستمرض بلا شك؛ لأنك أرسلت طاقة داخلية للمرض فيعمل الكون على تحقيقها لك بكل تأكيد، لذلك عليك بالتغذي على الطاقات الإيجابية والعمل على النظر إلى نفسك والكون بصورة إيجابية، بالتالي يدور ذلك وينعكس على الواقع الذي تحياه.
راقب الكلمات التي تقولها، فلا تكررها فتجعلها برمجة يؤكد عليها عقلك وجسدك وتندمج في داخلك وواقعك فتكون أنت من أنشأت الواقع الذي أنت تحياه. بكل تأكيد كثير منا يُنشئ واقعه دون أن يدرك ذلك، كيف؟ عن طريق إرسال الذبذبات والطاقات السلبية التي تنمو بداخلها، ليس هذا فقط، بل إنه ينشرها، فالمشاعر معدية.
إذا ما جلست بجانب شخص إيجابي فإنك في الغالب ستنال من هذه الطاقة الإيجابية، وبالعكس إذا كان الجو سلبيًا قاتمًا أسود فماذا تنتظر أن يكون يومك أو شخصيتك؟ ستكون شخصًا سلبيًا ستكرر البرمجيات السلبية بكل شك.
وإن هناك بعض الأفراد ينظرون للطاقات السلبية على أنها الواقع، وأن الحياة غير عادلة وليست كما كانت، وأن الماضي كان أفضل وهكذا، بالطبع هذه أيضًا برمجة سلبية.
ماذا أفعل لأكون إيجابيًا؟
أنظر للحقائق، لخصها واعلم أن لكل بداية نهاية، وأنك مثل فصول السنة الأربعة تمر بهم بداخلك بلا أدنى شك أو قيد. اقبل الواقع بلا مقاومة، فكر في أشياء إيجابية، فإن الإيجابية تخلق الإبداع.
اعلم أن هناك بعض المدارس التي تدعو إلى اللامبالاة كما هو في كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون الذي يعارض الإيجابية ويهاجم مدارسها، إلا أن الطاقات الإيجابية ستظل هي الأقوى، وإن كان هدف الكاتب ألا تُعِر أي شيء بالًا، وأن الأشياء ستتحقق من ذاتها، وبطبيعة الحال بما أننا نتحدَّث عن قوانين وعلوم اجتماعية كتبها البشر فإن كلًا منا يكتب من وجهة نظره ورؤيته للموقف، فإن أصبحت لا مبالٍ لما يحدث فكيف ستدرك ما يحدث فعلًا حولك!
وفي كتابه تحدَّث أن الإنسان لا يجب أن يكون إيجابيًا كل الوقت، بالطبع هذا صحيح، فإنك متقلب كالفصول الأربعة بلا أدنى شك، وبين الصعود والهبوط لا شيء على وتيرة واحدة، أتفق معه في ذلك، وإذا كان الشيء سيئًاً قل: إنه سيء فقط، أي لا تُجَمِّلْهُ بإضافة السكر له كما يقول الكاتب وينتهج مارك مانسون في كتابه نهجًا يغيّر الواقع، ولعله يتفق مع ديفيد آر هوكينز في النظر إلى الأمور كما هي وتقبلها كما هي، مع أن هناك مدارس أخرى تنظر من المنطلق الإيجابي فقط، إلا أن كلًا من مارك وديفيد آر هوكينز نظر إلى الواقع دون مجاملة له واعتبر ذلك الأفضل، اشعر بالشعور كما هو، أي بدون سكر أو مُجمِّلات للطعم.
وبالفعل يُعدّ كتاب فن اللامبالاة تغييرًا للواقع الذي نعيشه نحو مفهوم يختلف بالكل عن مدرسة الإيجابية البحتة، ولعل لنشر صورة اللاعب المصري محمد صلاح الدافع الذي دفع الكتاب إلى الصعود ضمن أعلى المبيعات، وهو ما عبر عنه مارك بقوله: الكثير من الحبّ لك يا صلاح، هنا طاقة الحبّ وهي أعلى الطاقات الإيجابية يبعث بها مارك لصلاح، وهذا يدفعنا للتمسك بهذه الطاقات الإيجابية قدر المستطاع، لكن مع التعبير عن أنفسنا دون مجاملة.
الفكرة المعززة تصبح اعتقادًا، وإذا ما تعززت أكثر تصبح يقينًا، واليقين يغذي الفعل، والفعل يولد المشاعر، والمشاعر إما إيجابية أو سلبية تؤثر بالواقع، والواقع ينعكس علينا بالإيجاب والسلب.
إن اللحظة هي الحقيقة الوحيدة، والعقل يعمل على الماضي والمستقبل فقط دون النظر إلى الواقع الحالي، فهو إما يفكر فيما مضى ويؤنبك، أو يفكر في المستقبل فيقوم بدوره بجعلك قلقًا دائمًا تفكر في كل شيء مهما بدا ذلك صغيرًا بالنسبة إليك، فراقب أفكارك جيدًا.
إذا ما كنت غاضبًا فإن ذلك سينعكس عليك بالفعل، وستنتشر طاقة الغضب حولك، على سبيل المثال فإن ما تبينه في داخلك لا بد أن ينعكس عليك بشكل ما، والبعض فسر ذلك بشكل عقائدي أن كما هو بالأعلى هو بالأسفل، أي أن القدر ينزل على حسب وعيك وشعورك وتفاؤلك بالخير أو بالشر.
بالطبع إذا ما تفاءلت بالخير فإن ذلك سيجذب قوة الخير والتفاؤل إليك مما ينعكس على وعيك الطاقي، وشكلك، وسلوكك، وأفعالك، وإدراكك، لما هو حولك.
أنت متصل بكل ما هو حولك ولست منفصلًا عن الكون، فأنت متصل بكل الكون وكل طاقات الكون، فقد خلقك الله تعالى متصلاً بما حولك اجتماعيًا، وإن كل شيء بداخلك، أي خُلقت في أحسن تقويم، لا ينقصك أي شيء لإطلاق الإبداع والابتكار الذي وُلد معك منذ نعومة أظافرك.
إن الفطرة ترى كل شيء بدون حدود، وإن نظرت إلى ذلك ترى أن الطفل لا يرى لأي شيء حدود وحواجز تعوق عن توافر الوفرة، فإن كل شيء يمكن الحصول عليه المطلوب هو الحفاظ على هذا المفهوم، ولكن لا بدَّ من تعديل هذا المفهوم ليتناسب مع التطور والنمو الَّذي وصلت إليه.
لا بدَّ من مراعاة عامل الزمن وكذلك التطور الَّذي وصلت إليه، بمعنى أن كل شيء متواجد ومتاح وبكثرة، إلا أنه يتطلب ذلك الجهد والوقت للحصول عليه، مما يستدعي إيمانك التام بالحصول على الأشياء أو الرغبات الَّتي تسعى إلى تحقيقها وتوجيه طاقاتك الذهنية أولًا قبل السعي، فإذا كنت تسعى وأنت غير مكترث أو غير مهتم لا يتوافر لديك النية لفعل الأشياء، فبالطبع لن تجني أي شيء، وذلك لعدم وجود الإيمان والطاقة الداخلية الَّتي ستساعدك على المضي قدمًا لتحقيق هذه الأشياء الَّتي ترغب بها.
جميعنا خلق يريد شيئًا ما، نرغب في شيء ما، وكلما حققنا هذا الشيء رغبنا في غيره، هكذا خُلق الإنسان دائم السعي والعمل للحصول على الأشياء. هناك أشياء تُشترى بالمال، وأخرى لا تشترى به، كالصحة، والحب، والعطاء، والإيمان، وإن الأشياء الَّتي لا تُشترى بالمال قيمتها المعنوية أكبر من الَّتي لا تُشترى بالمال بالطبع.
من المفاهيم المعيقة لقانون النَّدرة:
عند التقدم لوظيفة تقول لذاتك: لماذا سيختارونني أنا ويتركون الباقي؟
عند الدخول لتجربة زواج تقول لذاتك: إن ما أطلبه في شريكة الحياة لن يتوافر أبدًا مهما حدث فهو أمر غير متواجد.
عند الدخول في مشروع ما سأفشل بالتأكيد فكل المؤشرات تدل على ذلك.
إذن تتعامل مع الأشياء من مساحات محددة ضيقة تقوم بالتضييق عليك من آن إلى آخر، وهو الأمر الَّذي يستدعي أن تقوم بتغيير هذه الأفكار الهادمة الَّتي تعمل على تخريب حياتك، فهل رأيت أي كائن يقوم بتخريب حياته بذاته؟ نعم! هو الإنسان من خلال هذه الأفكار الهادمة المعيقة الَّتي لا تعد أن تكون حائلًا بينه وبين متطلباته اليومية الكثيرة والمعقدة في بعض الأمور.
وضع العوائق الَّتي تعيق حياتنا اليومية والظروف الصعبة الَّتي نلجأ إليها لتوجيه الصعوبات إلى الذات، وتضع جبالًاً من الهم لجلد الذات وكذب وضع برمجيات لعدم تواجد الشيء، بالتالي الوعي لا يدرك وجود الشيء من الأساس، فإنه لا بدَّ من تعديل المفاهيم والمشاعر لتتوافق مع هذه الحوائل والمشاكل اليومية فإن الحياة بها كل شيء فكل ما عليك إلا أن تضع أفكارك كحائل أو الاعتماد على هذه الطاقات السلبية أو الدونية، مما يقلل من فرصك للحصول على الأشياء. إن الله تعالى هو كريم لم يخلق شيئًا ليعذبه أو لعدم إعطائه شيئًا، بل خلق الكون على الحب من الحب، بالتالي يوزع علينا كل ما نريده بدون حدود أو قيود، بالتالي هنا لا بدَّ من وضع مساحات لتلاقي طاقات الوفرة وليس النَّدرة، بالتالي وضع كافة الأفكار من مساحات الوفرة وليس النَّدرة لتجني ثمار الكون المتعددة.
بالتالي فإن الفرق بين المليونير والفقير هو أنه قرر أن يفعل الأفكار الإيجابيَّة للحصول على الأشياء، بالتالي لا بدَّ ألا تفعل أفكار العوز، والفقر، والضياع، وإذا ما قررت أن تختار ذلك اعلم بأن الله تعالى عز وجل سيوزع عليك هذه الأشياء، فإن خزائنه مليئة بوفرة وليس بندرة، فإن الله تعالى مالك ملك كل شيء في الكون وهذه الخزائن لا تقل أو تنقص من المنح للبشر ولكل الكون فإنه يمنح بحب، بدون مقابل.
لا بدَّ من تلاقي المجال الطاقي، لا بدَّ من رفع المجال الطاقي لأصل إلى ما أصبو إليه، بالتالي لا بدَّ من أن أعمل على طاقتي، مشاعري والمعتقدات، القناعات الزائفة الَّتي تم تبنيها من الذات، والمجتمع، والأفراد، أينما كان نوع البرمجة الَّتي تم إلقاؤها خلال السنوات السابقة علينا أو تمت برمجتنا عليها مع مرور الوقت بمرور الزمان والمكان، لا بدَّ من التجرد والوقفة الصادقة مع النفس لكي نتخلص من المعيقات الَّتي بنيناها في ذهننا.
إن تنظيف الهالات الَّتي بداخلك تحتاج العديد من الممارسات والقناعات السليمة الَّتي تجعلك قادرًا على استقبال المنح الَّتي يعطيها الله تعالى لنا، فإذن هل نتحدث الآن من مساحة الوفرة أم من مساحة النَّدرة والقلة؟ وإذا ما توكلت فهنا الباقي يكون على توافر الشيء من قِبل الله تعالى، ولكن توافر المنظور هو المهم في هذا الوقت.
فإن المشاعر والأفكار لا تعد عن كونها المحفز لتدفق هذه الأشياء فركز على مواقف الوفرة دائمًا وليس مواقف النَّدرة ومراقبة المشاعر لتتعلم منها، فبعد الظلام نور، وبعد الخوف أمن.
الإلهام إلى ما تسعى إليه يوفر لك هذا الشيء، وإذا أردت الحصول على شيء فإن ذلك يتم من خلال عقلك أولًا قبل أفعالك، استدعِ أفكارك لتقوّمها وتزيد من وفرتها وفاعليتها على مرور الزمان، وكلما زودت هذه القناعات -وأتحدث هنا عن القناعات الإيجابيَّة- فإنك سترى العجب والأمان والإيجابيات تتدفق فيما حولك.
فإنك لِتَرى النور الإلهي لا بدَّ أن تسمح لعقلك أن يرى قبل بصرك، ستظن أن هذا كلام جنون إلا أنه الواقع يا صديقي، فكيف سترى نور الله إذا كنت أعمى في عقلك، إذن لا بدَّ أن تدع النور يتدفق في شرايين العقل أولًا قبل أن تراه عيناك.
فإن الله تعالى منح الإنسان قدرات لا تعد ولا تحصى، ولكنك وضعت لها حدودًا وقيودًا توقفك عن تحقيق أهدافك.