الواقع الذي تعيشه ما هو إلى انعكاس لما في داخلك، فعندما تصف ما في داخلك تعرف اتجاهك، وإن الكون يعكس كمرآة صافية لوعيك وطاقتك، والذبذبات التي ترسلها فإذا ما أدركت الكون حولك تجد أنك غير منفصل عنه في السالب والموجب، فإن الدوران بالكون كما هو بداخلك، فأنت متصل بطاقات الكون ولست منفصلًاً عنها.
إن النور والظلام بداخلك هو نفس النور والظلام الموجود بالكون، وإن الفصول الأربعة التي تمرُّ على الأرض تكون مثيلتها بداخلك، فأنت أوقات تكون سعيدًا، أو مكتئبًا، أو قلقًا، أو حزينًا، أو تشعر بالدفء أو الإلهام، فإن كل هذه الفصول قد تمرُّ عليك خلال حياتك، أو في ذات اليوم، وإنك لم ولن تكون منفصلاً عما هو خارجك من الكون فأنت تتخلى عن أفكارك القديمة، أو علاقات قديمة، أو تنسى أماكن، أو أشخاصًا ما، تتساقط الأوراق كما تتساقط في فصل الخريف، وتزدهر أحيانًا، وتموت أحيانًا، وتشرق أحيانًا أخرى، وتظلم أحياناً أخرى فأنت متصل.
فالسلبيون تربة خصبة للطاقات السلبية الموجودة في الكون ويسحبون هذه الطاقة، بالتالي تنخفض مستويات الوعي لديهم، وإن أصحاب الوعي العالي ذوو سلام داخلي من الداخل، بالتالي ينعكس ذلك عليهم وعلى طاقتهم الكونية واستقبالهم وإرسالهم للرسائل للعالم الخارجي يكون قويًا بشكل كبير.
فإن ما تراه بعيدًا هو قريب منك بشكل ما.
الكون يعيد تشكيل نفسه ليظهر حقيقتك كما هي دون تزييف، أو رياء، أو تعظيم، أو تقليل.
فإن جسدك يتفاعل مع مخاوفك الداخلية ويعبر عن المرآة لتلك المشاعر بطريقة ما، ويعكسها مرة أخرى إليك لتكن هي واقعك واستحقاقك في الوقت الحالي، ويقول البعض: إننا كلنا نحمل الأنوثة والذكورة بداخلنا قوة الين واليانج، فكلا الطاقتين موجودتان بالداخل، فإن الخارج بداخلنا.
المرض تعبير لما بداخلك، فعلى سبيل المثال إذا ما أقنعت عقلك الباطن بالمرض فإنك ستمرض بلا شك؛ لأنك أرسلت طاقة داخلية للمرض فيعمل الكون على تحقيقها لك بكل تأكيد، لذلك عليك بالتغذي على الطاقات الإيجابية والعمل على النظر إلى نفسك والكون بصورة إيجابية، بالتالي يدور ذلك وينعكس على الواقع الذي تحياه.
راقب الكلمات التي تقولها، فلا تكررها فتجعلها برمجة يؤكد عليها عقلك وجسدك وتندمج في داخلك وواقعك فتكون أنت من أنشأت الواقع الذي أنت تحياه. بكل تأكيد كثير منا يُنشئ واقعه دون أن يدرك ذلك، كيف؟ عن طريق إرسال الذبذبات والطاقات السلبية التي تنمو بداخلها، ليس هذا فقط، بل إنه ينشرها، فالمشاعر معدية.
إذا ما جلست بجانب شخص إيجابي فإنك في الغالب ستنال من هذه الطاقة الإيجابية، وبالعكس إذا كان الجو سلبيًا قاتمًا أسود فماذا تنتظر أن يكون يومك أو شخصيتك؟ ستكون شخصًا سلبيًا ستكرر البرمجيات السلبية بكل شك.
وإن هناك بعض الأفراد ينظرون للطاقات السلبية على أنها الواقع، وأن الحياة غير عادلة وليست كما كانت، وأن الماضي كان أفضل وهكذا، بالطبع هذه أيضًا برمجة سلبية.
ماذا أفعل لأكون إيجابيًا؟
أنظر للحقائق، لخصها واعلم أن لكل بداية نهاية، وأنك مثل فصول السنة الأربعة تمر بهم بداخلك بلا أدنى شك أو قيد. اقبل الواقع بلا مقاومة، فكر في أشياء إيجابية، فإن الإيجابية تخلق الإبداع.
اعلم أن هناك بعض المدارس التي تدعو إلى اللامبالاة كما هو في كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون الذي يعارض الإيجابية ويهاجم مدارسها، إلا أن الطاقات الإيجابية ستظل هي الأقوى، وإن كان هدف الكاتب ألا تُعِر أي شيء بالًا، وأن الأشياء ستتحقق من ذاتها، وبطبيعة الحال بما أننا نتحدَّث عن قوانين وعلوم اجتماعية كتبها البشر فإن كلًا منا يكتب من وجهة نظره ورؤيته للموقف، فإن أصبحت لا مبالٍ لما يحدث فكيف ستدرك ما يحدث فعلًا حولك!
وفي كتابه تحدَّث أن الإنسان لا يجب أن يكون إيجابيًا كل الوقت، بالطبع هذا صحيح، فإنك متقلب كالفصول الأربعة بلا أدنى شك، وبين الصعود والهبوط لا شيء على وتيرة واحدة، أتفق معه في ذلك، وإذا كان الشيء سيئًاً قل: إنه سيء فقط، أي لا تُجَمِّلْهُ بإضافة السكر له كما يقول الكاتب وينتهج مارك مانسون في كتابه نهجًا يغيّر الواقع، ولعله يتفق مع ديفيد آر هوكينز في النظر إلى الأمور كما هي وتقبلها كما هي، مع أن هناك مدارس أخرى تنظر من المنطلق الإيجابي فقط، إلا أن كلًا من مارك وديفيد آر هوكينز نظر إلى الواقع دون مجاملة له واعتبر ذلك الأفضل، اشعر بالشعور كما هو، أي بدون سكر أو مُجمِّلات للطعم.
وبالفعل يُعدّ كتاب فن اللامبالاة تغييرًا للواقع الذي نعيشه نحو مفهوم يختلف بالكل عن مدرسة الإيجابية البحتة، ولعل لنشر صورة اللاعب المصري محمد صلاح الدافع الذي دفع الكتاب إلى الصعود ضمن أعلى المبيعات، وهو ما عبر عنه مارك بقوله: الكثير من الحبّ لك يا صلاح، هنا طاقة الحبّ وهي أعلى الطاقات الإيجابية يبعث بها مارك لصلاح، وهذا يدفعنا للتمسك بهذه الطاقات الإيجابية قدر المستطاع، لكن مع التعبير عن أنفسنا دون مجاملة.
الفكرة المعززة تصبح اعتقادًا، وإذا ما تعززت أكثر تصبح يقينًا، واليقين يغذي الفعل، والفعل يولد المشاعر، والمشاعر إما إيجابية أو سلبية تؤثر بالواقع، والواقع ينعكس علينا بالإيجاب والسلب.
إن اللحظة هي الحقيقة الوحيدة، والعقل يعمل على الماضي والمستقبل فقط دون النظر إلى الواقع الحالي، فهو إما يفكر فيما مضى ويؤنبك، أو يفكر في المستقبل فيقوم بدوره بجعلك قلقًا دائمًا تفكر في كل شيء مهما بدا ذلك صغيرًا بالنسبة إليك، فراقب أفكارك جيدًا.
إذا ما كنت غاضبًا فإن ذلك سينعكس عليك بالفعل، وستنتشر طاقة الغضب حولك، على سبيل المثال فإن ما تبينه في داخلك لا بد أن ينعكس عليك بشكل ما، والبعض فسر ذلك بشكل عقائدي أن كما هو بالأعلى هو بالأسفل، أي أن القدر ينزل على حسب وعيك وشعورك وتفاؤلك بالخير أو بالشر.
بالطبع إذا ما تفاءلت بالخير فإن ذلك سيجذب قوة الخير والتفاؤل إليك مما ينعكس على وعيك الطاقي، وشكلك، وسلوكك، وأفعالك، وإدراكك، لما هو حولك.
أنت متصل بكل ما هو حولك ولست منفصلًا عن الكون، فأنت متصل بكل الكون وكل طاقات الكون، فقد خلقك الله تعالى متصلاً بما حولك اجتماعيًا، وإن كل شيء بداخلك، أي خُلقت في أحسن تقويم، لا ينقصك أي شيء لإطلاق الإبداع والابتكار الذي وُلد معك منذ نعومة أظافرك.