قانون الوفرة والنَّدرة
قانون الوفرة والنَّدرة إن فطرتنا تتناغم مع قانون الوفرة، إلا أن أفكارنا تتعارض أحيانًا معه وتقتنع بأن كل شيء نادر… مع العلم بأن الله خلق كل شيء على قانون الوفرة؛ لذلك تجد أن الأطفال دائمًا ما يسعون لكل شيء طبقًا لهذا القانون فهم يرغبون في كل شيء لاقتناعهم التام بهذا القانون ألا وهو قانون الوفرة وليس النَّدرة… عندما نكبر في السن يعمل عقلنا على إضفاء قانون آخر ألا وهو أن كل شيء قليل وشحيح وغير متواجد فيبرمج عقلنا الباطن ذلك ويحفظه، بل يجعله واقعًا نحيا به ونتعايش معه كل دقيقة تمرّ تعمل على إقناعك بأن ذلك هو المصير الحتمي الَّذي توجب عليك التعامل معه يوميًا “قانون النَّدرة”، مع العلم بأن الله تعالى قد خلق من كل شيء الكثير، أي وفقًا لقانون الوفرة وليس النَّدرة.
إن الفطرة ترى كل شيء بدون حدود، وإن نظرت إلى ذلك ترى أن الطفل لا يرى لأي شيء حدود وحواجز تعوق عن توافر الوفرة، فإن كل شيء يمكن الحصول عليه المطلوب هو الحفاظ على هذا المفهوم، ولكن لا بدَّ من تعديل هذا المفهوم ليتناسب مع التطور والنمو الَّذي وصلت إليه.
لا بدَّ من مراعاة عامل الزمن وكذلك التطور الَّذي وصلت إليه، بمعنى أن كل شيء متواجد ومتاح وبكثرة، إلا أنه يتطلب ذلك الجهد والوقت للحصول عليه، مما يستدعي إيمانك التام بالحصول على الأشياء أو الرغبات الَّتي تسعى إلى تحقيقها وتوجيه طاقاتك الذهنية أولًا قبل السعي، فإذا كنت تسعى وأنت غير مكترث أو غير مهتم لا يتوافر لديك النية لفعل الأشياء، فبالطبع لن تجني أي شيء، وذلك لعدم وجود الإيمان والطاقة الداخلية الَّتي ستساعدك على المضي قدمًا لتحقيق هذه الأشياء الَّتي ترغب بها.
جميعنا خلق يريد شيئًا ما، نرغب في شيء ما، وكلما حققنا هذا الشيء رغبنا في غيره، هكذا خُلق الإنسان دائم السعي والعمل للحصول على الأشياء. هناك أشياء تُشترى بالمال، وأخرى لا تشترى به، كالصحة، والحب، والعطاء، والإيمان، وإن الأشياء الَّتي لا تُشترى بالمال قيمتها المعنوية أكبر من الَّتي لا تُشترى بالمال بالطبع.
من المفاهيم المعيقة لقانون النَّدرة:
عند التقدم لوظيفة تقول لذاتك: لماذا سيختارونني أنا ويتركون الباقي؟
عند الدخول لتجربة زواج تقول لذاتك: إن ما أطلبه في شريكة الحياة لن يتوافر أبدًا مهما حدث فهو أمر غير متواجد.
عند الدخول في مشروع ما سأفشل بالتأكيد فكل المؤشرات تدل على ذلك.
إذن تتعامل مع الأشياء من مساحات محددة ضيقة تقوم بالتضييق عليك من آن إلى آخر، وهو الأمر الَّذي يستدعي أن تقوم بتغيير هذه الأفكار الهادمة الَّتي تعمل على تخريب حياتك، فهل رأيت أي كائن يقوم بتخريب حياته بذاته؟ نعم! هو الإنسان من خلال هذه الأفكار الهادمة المعيقة الَّتي لا تعد أن تكون حائلًا بينه وبين متطلباته اليومية الكثيرة والمعقدة في بعض الأمور.
وضع العوائق الَّتي تعيق حياتنا اليومية والظروف الصعبة الَّتي نلجأ إليها لتوجيه الصعوبات إلى الذات، وتضع جبالًاً من الهم لجلد الذات وكذب وضع برمجيات لعدم تواجد الشيء، بالتالي الوعي لا يدرك وجود الشيء من الأساس، فإنه لا بدَّ من تعديل المفاهيم والمشاعر لتتوافق مع هذه الحوائل والمشاكل اليومية فإن الحياة بها كل شيء فكل ما عليك إلا أن تضع أفكارك كحائل أو الاعتماد على هذه الطاقات السلبية أو الدونية، مما يقلل من فرصك للحصول على الأشياء. إن الله تعالى هو كريم لم يخلق شيئًا ليعذبه أو لعدم إعطائه شيئًا، بل خلق الكون على الحب من الحب، بالتالي يوزع علينا كل ما نريده بدون حدود أو قيود، بالتالي هنا لا بدَّ من وضع مساحات لتلاقي طاقات الوفرة وليس النَّدرة، بالتالي وضع كافة الأفكار من مساحات الوفرة وليس النَّدرة لتجني ثمار الكون المتعددة.
بالتالي فإن الفرق بين المليونير والفقير هو أنه قرر أن يفعل الأفكار الإيجابيَّة للحصول على الأشياء، بالتالي لا بدَّ ألا تفعل أفكار العوز، والفقر، والضياع، وإذا ما قررت أن تختار ذلك اعلم بأن الله تعالى عز وجل سيوزع عليك هذه الأشياء، فإن خزائنه مليئة بوفرة وليس بندرة، فإن الله تعالى مالك ملك كل شيء في الكون وهذه الخزائن لا تقل أو تنقص من المنح للبشر ولكل الكون فإنه يمنح بحب، بدون مقابل.
لا بدَّ من تلاقي المجال الطاقي، لا بدَّ من رفع المجال الطاقي لأصل إلى ما أصبو إليه، بالتالي لا بدَّ من أن أعمل على طاقتي، مشاعري والمعتقدات، القناعات الزائفة الَّتي تم تبنيها من الذات، والمجتمع، والأفراد، أينما كان نوع البرمجة الَّتي تم إلقاؤها خلال السنوات السابقة علينا أو تمت برمجتنا عليها مع مرور الوقت بمرور الزمان والمكان، لا بدَّ من التجرد والوقفة الصادقة مع النفس لكي نتخلص من المعيقات الَّتي بنيناها في ذهننا.
إن تنظيف الهالات الَّتي بداخلك تحتاج العديد من الممارسات والقناعات السليمة الَّتي تجعلك قادرًا على استقبال المنح الَّتي يعطيها الله تعالى لنا، فإذن هل نتحدث الآن من مساحة الوفرة أم من مساحة النَّدرة والقلة؟ وإذا ما توكلت فهنا الباقي يكون على توافر الشيء من قِبل الله تعالى، ولكن توافر المنظور هو المهم في هذا الوقت.
فإن المشاعر والأفكار لا تعد عن كونها المحفز لتدفق هذه الأشياء فركز على مواقف الوفرة دائمًا وليس مواقف النَّدرة ومراقبة المشاعر لتتعلم منها، فبعد الظلام نور، وبعد الخوف أمن.
الإلهام إلى ما تسعى إليه يوفر لك هذا الشيء، وإذا أردت الحصول على شيء فإن ذلك يتم من خلال عقلك أولًا قبل أفعالك، استدعِ أفكارك لتقوّمها وتزيد من وفرتها وفاعليتها على مرور الزمان، وكلما زودت هذه القناعات -وأتحدث هنا عن القناعات الإيجابيَّة- فإنك سترى العجب والأمان والإيجابيات تتدفق فيما حولك.
فإنك لِتَرى النور الإلهي لا بدَّ أن تسمح لعقلك أن يرى قبل بصرك، ستظن أن هذا كلام جنون إلا أنه الواقع يا صديقي، فكيف سترى نور الله إذا كنت أعمى في عقلك، إذن لا بدَّ أن تدع النور يتدفق في شرايين العقل أولًا قبل أن تراه عيناك.
فإن الله تعالى منح الإنسان قدرات لا تعد ولا تحصى، ولكنك وضعت لها حدودًا وقيودًا توقفك عن تحقيق أهدافك.