قصة مذكرات قرد من كتاب اسما للكاتب احمد مجدي محمد – كتبنا باندروش

الصورة الرمزية لـ princeshetos

مذكرات قرد

اتذكر جيداً يوم مولدي فقد كان يوماً استثناءياً فقد احاطتني امي برعاية بالغة منذ أن ولدت في هذة الغابة كنت قرداً مميزاً عن باقي القرود فقد كانوا يقولون علي دوماً بأنني ذكي و اتفهم بسهولة ما حولي سريع التعلم علي ما أظن .

حباني الله تعالي اصدقاء كثر فى مثل سني لالعب معهم و اتعلم منهم و يتعلموا مني و قد كانت امهاتنا تدللنا جميعاً و يعلمون كلاً منا كيفية العيش في الغابة و الحظر من المخاطر مثل النمور و الاسود و غيرها من الحيوانات المفترسة التي لن تتهاون للحظة واحدة معك اذا كنت امامها فانت فى مقدمه سلسلتها الغذائية .

لذلك كان علي الحظر دائماً من اللعب منفرداً لحالي .

كنت احب منظر الغروب من فوق هذة الشجرة العالية علي حافة الغابة فقد كانت الشمس لها مذاق خاص عند الغروب على فروع هذة الشجرة .

اعتقد انها اصبحت مكاناً مميزاً لي فقد اعتادت امي على ان تجلس معي هناك دوماً .

لتحكي لي القصص و تطعمني .

احببت امي وهذة الشجرة لاقصي الدرجات.

مرت الايام كالنسيم حلوة هادئة الى أن جاء هذا اليوم الذى اضطربت فيه هذة الغابة عندما بدأ البشر فى نسج امكانهم حولها و معداتهم الثقيلة و بدأوا فى تقطيع الاشجار واحدة تلو الاخري.

 كل يوم اصبحت مساحتنا تتقلص و ليس هذا فحسب فقد تبعهم مجموعة من الصيادين الذين يقتلون الحيوانات ليبيعوا جلودها او انيابها او بحثاً عن العاج.

استمر الامر كذلك و عدت اتجول مع عائلتي من مكان الى مكان خلال فترة من الزمن ولكن يظل دوماً مكاني على الشجرة التي تقع على حافة الغابة هو المفضل فلا يمر يوماً الا و تأخذنى امي هناك.

 الي ان شب حريق فى الغابة نتيجة لاهمال من احد هؤلاء البشر فانتشرت النار سريعاً في ارجاء الغابة و باتت تأكل الاشجار و تنتشر بسرعة هائلة لا اعرف السبب اهو الرياح ام ماذا ؟.

كيف انتشرت النيران بهذة السرعة؟ .

هل كان لدي هؤلاء البشر ما هو سريع الانتشار و الاشتغال ؟.

وجدت والدتى تركض بي و كذلك كل اخوتي من القرود الي ان اصابتها النيران فى احد ارجلها فوجدتها تبكي للمرة الاولى و تقول لى اجري من هنا بسرعة اسبقني الى الشجرة التي اعتدت أن تذهب لها فى الغروب.

 انها الملاذ .

المكان المفضل لدي .

تكرر صراخها اجرى اجرى اجرى و لا تنظر خلفك فاننى قادمه خلفك اسبقني يابني.

جريت بكل ما بي من سرعة الى ان وصلك للشجرة فقد كنت صغيراً علي أن افهم ما يجري فى الغابة و أن الامر كله كان سريعاً جداً عل استيعاب صغير مثلي ووجدت بعدها الكثير من القرود تهرع الى اماكن متفرقة و من هول الموقف لم يبالوا لي .

ظللت علي هذة الشجرة وحيداً احاول ان اري امي في وجوه القادمين منهم الا ان الوقت قد مر و اتي المساء و لم ترجع امي .

عرفت بعدها انها فارقت الحياة اثر اصابتها بالنيران .

وانها عندما قالت لي اهرب كانت تفارق الحياة ولكنها حرصت علي اماني و امني .

وجدتني بعد هذا اليوم وحيداً بلا ام .

ظللت ابكي علي الشجرة التي كانت تاخذني اليها كل يوم .

لم يكتف البشر عن الوقوف امامنا فقد اتت فرقة لاطفاء الحريق و راح البعض منهم يقبض علينا واحداً تلو الاخر عرفت بعدها مصيري فبعد ان القى احدهم علي شبكة و قام بالامساك بي لاجد نفسي بعد ذلك في قفص و حولي حيوانات اخري باقفاص متنوعة .

من هناك؟

اهذا ملك الغابة حبيس فى قفص !.

 يا الله ملك فى مملكة اصبح الان رهينة فى يد هؤلاء البشر.

سمعت بعضهم يقول انهم سياخذوننا الى مكان يدعي السيرك و لا اعرف ماهو حتي الان و لكنه مكان يأوي مجموعة من الحيوانات المتنوعة .

كان اول يوم لي فى قفص به قرود مثلي بعضهم من الغابة اما البعض الاخر فقد كان قد سبقنا اى وجدتهم فى القفص بالسيرك قبلي و يظهر عليهم انهم هنا منذ فترة كبيرة .

بدأت في التعرف عليهم واحداً واحداً و كان هناك كبيرهم قرد كبير طاعن فى السن يبدو انه الاكبر حكمة ووعياً منا .

ذهبت اليه تعرفت علي اسمه فقد كان يدعي ميمون و بدأت احكي له ما حدث لي .

فقال : يابني هؤلاء البشر ليسوا جميعاً بهذا السوء فكما يوجد الطيب يوجد الشرير منهم .فانني اكثر منك عمراً و خبرة و قد رأيت الكثير منهم فبعضهم اعطف علي و عشت معه اياماً جميلة ام البعض الاخر فانه قاسي القلب و كان يضربني بالسوط عندما اخطأ الى ان كبرت فى السن ولم اعد امارس العروض فقد اصبح عليهم ان يقدموا لى الطعام فقد.

 فاصبحت كذلك حكيماً انصح القرود الصغار مثلك .

سألته : يا ايها الحكيم الديك نصيحة .

قال : تعلم كل يوم من اخطاءك و عش اليوم كانه اخر يوم لك و ان الله تعالي رزقنا بمدربة طيبة القلب تدعي حنان ستحافظ عليك .

اطمئن قلبي لما سمعت هذا .

انه اليوم الاول الذي اقابل فيه حنان لديها قلب طيب بالفعل و عطوفة لاقصي الدرجات فما لبست ان راتني حتى انهالت علي بالقبلات و اخذت تقدم لي الطعام .

لا اخفي عليكم سراً فقد كنت متوجس خيفه منها فى بادىء الامر .

لكنني لا اعرف لماذا اقبلت عليها .

اعتقد ان لديها نفس حنان امي .

ولكن كيف و هي ليست من جنسنا . فهي بشرية و نحن قرود .

لكنها ذات هالة قوية محبة وجدت اخوتي القرود يلعبون معها و يحبونها كثيراً .

اخذت تقدم لهم الطعام و تقوم بالامساك بهم و اللعب معهم و تدريبهم بلطف و ان من كان يخطا كانت تحدثه بنبره حانية و تمسكه برفق و تقوم بتعليمه و تقدم لنا الموز و السودانى الشهي .

كانت بالنسبة الي ملاك .

لا اعرف ماهو الملاك حقاً لانني لم اراه يوماً الا في صورة امي .

قد تكون هي و امي ملائكة .

اتمشي الملائكة مثلنا علي الارض ؟.

اعتقد ذلك و ربما لا .

كل ما اعرفه انني احبها و بدأت في الانسجام معها . انتظرها كل يوم لنلعب سوياً و نركض و نلهو و نأكل و عند النوم تحرص علي اعطائنا وجبات جميلة و كانت تحكي لنا قصصاً جميلة .

مرت الايام فى سعادة وهناء مع حنان.

ولكن يشاء القدر أن يصدر قرار بنقل حنان الى سيرك اخر فى المدينة و جاء موعد الرحيل فودعتنا بقبلات و الدموع علي اعينها و نحن نبكي اتذكر انني امسكت فى طرف بنطالها و لم ارد ان ترحل .

اتذكر نظرة الرحيل .

اتذكر الدموع و الفراق .

قال ميمون القرد الحكيم لقد تعلقت بحنان فهي قلب طيب يا بني لكنها هذة هي سنة الحياة تفرق و تجمع بين الاشخاص . فلابد أن تتقبل ذلك فهذة هي الحكمة و هذا هو الوعي .

اتي بعدها رجل يدعى مهند قاسي القلب فقد كان يعذبنا بسوطه له صوت جاهوري اتذكر اول مرة ضرب بها ميمون القرد العجوز عندما اراد ان يجعله يقدم عرضاً لا يليق بسنة ومكانته فبعد ان كان مستبعداً من تقديم العروض  اصبح الان يقدم العروض معنا.

اصر مهند ان يجعله يقدم العروض و كان يتلذذ بايذائة فقد كان النقيض من حنان .

تري اين انتى يا حنان ؟.

و ماذا جنينا ليأتي مهند هذا ليعذبنا ؟.

مرت الايام و نحن فى معاناه معشر القرود منه الا ان قمنا بالتجمع حول حكيمنا ميمون الذي اشار بضرورة ان نجتمع و نرحل من هذا المكان .

ولكن كيف يا ميمون ؟.

اشار بان مهند يقع فى خطأ فادح فانه كل يوم يشرب الخمر و تتدلي منه مفاتيح الاقفاص وهو نائم و لحسن الحظ بانه دائما ما يجلس علي كرسي بجوار الاقفاص بل ملاصق لها و هذة فرصة سانحه لسرقتها منه و الهرب بالليل بدون ان يشعر بنا .

و لكي تكون الخطة محكمه لابد ان يقوم الاصغر بسرقتها لخفته .

لذلك تم اختياري لهذة المهمة البسيطة فانها لا تمثل اي شيء من العروض التي كنت اقوم بها . فكثيراً ما كنت اتلقي التشجيع من الحضور علي خفتي و طاقتي العالية و حضوري القوي بل و اصبحت لي جماهيرية فى وقت قصير اتذكر الصبية الصغار من بني البشر يشيرون الي و الابتسامة علي شفتاهم .

الان حان وقت سرقة مهند وهو نائم .

انتظرنا الليل و بدأ مهند بالشرب كعادته ثم بدأ فى الترنح و التفوه بكلمات غير مفهومه .

الى ان جلس علي الكرسي المقابل للقفص و نام و تدلت مفاتيحه منه .

هيأت نفسي . تحركت ببطء الى ان وصلت للمفاتيح .

فاخذتها و فتحت الاقفاص .

لنهرب كلنا من هذا الجحيم .

عندما خرجنا ظننت اننا سنرحل سوياً معاً الا ان بعضنا ذهب باتجاه يحسب انه الغابة و البعض الاخر ذهب ليبحث عن مكان اخر بمفرده و بقيت انا و ميمون نجري و نتعلق بالاشجار علنا نصل لبيت امن او احد يأوينا .

ظللنا كذلك الى ان سمعت يوماً شيئا اثلج صدرى انا و ميمون .

فقد سمعت ان حنان التي كانت تقدم عروض بالسيرك القديم تقدم عروضاً بسيرك هنا .

وهنا قررنا مقابلتها بعد العرض مباشرة .

بعد ان انتهت من العرض الخاص بها و الذي تابعته انا و ميمون من مكان يبعد عن الانظار بل واخذنا نصفق لها من بعيد علي مهاراتها و لطفها وحبها لاخواتنا بالعرض .

قمنا بمقابلتها .

فرحت اشد فرح برؤيتنا و قالت كيف وجدتموني رحنا نحتضنها بقوة .

عندما قالت انها لابد ان ترجعنا لبيتنا السيرك القديم جلسنا نبكي و نصرخ ففهمت ان مهند وسلوكه هما السبب .

فقد كانت تعرف ان له سمعة سيئة تسبقه فى اى مكان يذهب اليه.

فقالت لا بأس ساخذكم لمكان ستحبونه بالتأكيد و هو بيتي .

فرحنا بها اشد الفرح و ذهبنا الي بيتها الذي كان جميلاً و به حيوانات متنوعة لم نلبث فترة حتي تعرفنا عليهم جميعاً و صرنا اصدقاء نلعب معهم كل يوم.

صارت حنان مدربة مشهورة جداً بالسيرك و اصبح لها فيلا كبيرة به حيوانات اخواتنا كثر و قدمنا معها عروضا كثيرة حول العالم الى ان صرت انا اكثر القرود شعبية فى العالم .

لا انسي ابتسامتها وهي تقبلني او تحيي الجمهور من حولي و ترفعنى للاعلى لابتسم تلك الابتسامة التي ستسعد امي فى مخدعها .

كبرت و تزوجت و اصبحت لي اسره و كذلك حنان اصبح لديها ادم و رنا و لها زوج حنون اسمه معتز .

باتت ايامي كلها هناء و سعادة غامرة .

الصورة الرمزية لـ princeshetos

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Author Profile

Ahmed Magdy

مدون و كاتب مصري

ايقظ التنين بداخلك / اسمــــا / القوة الخفية بداخلك / علي حافة الجنون / حوار مع الذات يهتم بمجال التنمية البشرية و الوعي البشري و عمل بالمجال المصرفي منذ اكثر من 15 عاماً بفضل الله سبحانه و تعالي – روح حرة فى ملكوت الخالق و ما اوتيت من العلم الا قليلا

Search

You cannot copy content of this page