حاول أن تتأمل في يومك ولو شجرة واحدة..
أتعرف لماذا الأشجار بالذات؟
إن الأشجار هي هبات من الخالق، وهي روح الطبيعة، فلك أن تشاهد الأشجار في الغابات أو في الحدائق، فإن الأشجار بها روح، وهي حية تماماً مثلك أنت.
ربما تحب أن تقرأ عن
أهمية التأمل في حياة الإنسان
أعلم جيداً أن كثيراً منا لم يعد لديه الوقت للتأمل ولو لدقائق، وذلك هو وهم السوشيال ميديا التي تأخذك كعبد لها في هذه الحياة، خذ نفساً عميقاً وتأمل الأشجار، والغصون، والأفرع حتى وإن كانت معوجة..
أرأيت يوماً شجرة تشتكي أن لها أفرعاً معوجة أو غير كاملة؟ الإجابة: هي لها، تقبل نفسك كما هي، وثق بها وادعمها وثق بالله تعالى أولاً لترى النعم العجيبة التي حباك إياها دون مقابل؟
تأمل من اليوم ولو شجرة واحدة..
فنحن هو أنا وأنا هو نحن..
من أنت؟
كلانا يعرف ذلك، فنحن أشبه بخلايا تعمل جاهدة لنجاح هذا الجسد ككل وإننا نسيج واحد، قامت القوى التي تريد الخراب بتعميم مبدأ الحدود للتفرقة وللبعد عن المعنى الأسمى للحياة وهو الوحدة.
لعل هذا التأمل يأخذك لمعرفة من أنت حقاً، فأنت لست بمعزل عن العالم، بل حقيقة الأمر أن العالم هو أنت وأنت هو العالم.
سر قدرة الإنسان على الاستمرار
تأمل في داخلك..
إنّ قدرة الإنسان على الاستمرار تكمن في قدرته على تقبّل التّغيّير، وهذه إحدى النّظريّات الّتي أؤمن بها بشدّة، فإنّ قدرتنا على تقبّل التّغيّير هي ما توصلنا إلى ما نصبو إليه من أهداف حياتيّة، وإنّ الوقوف داخل دوائر الأمان (نظام الدّفاع الذّاتي) هو ما يوقعنا في الألم حيث يكسبنا الكسل عدم العمل، وعدم السّعي إلى ما هو جديد بالطّبع، كلّ هذا فيما يحقّق النّفع للنّاس وللمجتمع.
النّاس تختلف في كلّ شيء، فلا يوجد إنسان متشابه مع إنسان آخر حتّى إنّه يمكنك ملاحظة ذلك في ميدان العمل مثلًا، فعلى سبيل المثال في الوظائف لا يتمّ تأدية العمل بنفس الطّريقة من قبل الأفراد لاختلافات في البيئة المحيطة، والتّربية والتّعليم والفروقات الفرديّة، وما إلى ذلك.
فإنّك إذا ما أردت أن تحصر الاختلافات فأعتقد أنّك لن تستطيع حتّى حصرها فإنّها تختلف من فرد لآخر ولذات الفرد من وقت لآخر.
الفوارق الفردية.. كلمة السر
هناك أحد المناهج يقول: إنّك قادر على تحقيق كلّ شيء في هذه الحياة، إلّا أنّنا نعلم جيّدًا بوجود الفوارق الفرديّة، ويتميّز بعض الأفراد عن البعض الآخر في بعض الأشياء والمهام مما يطلق عليه الفوارق الفرديّة.
كما أقول وأكرر دائمًا: إنّنا ولدنا ببصمة مختلفة حيث يختلف كلّ منّا عن الآخر، فلا تتوقّع أن تكون بصمتك هي نفس بصمتي، فإنّنا يا عزيزي مختلفون في كلّ شيء.
علاج العلاقات السامة
إنّ بعض النّقاط الخلافيّة لا يمكن معالجتها بالطّبع، أتذكّر إحدى العلاقات الّتي مررت بها، وفي حقيقة الأمر كانت علاقة سامّة، حيث كانت هذه الفتاة مثالاً لفتاة متشبثة بآرائها ومسيطرة إلى أقصى الحدود، تريد تحقيق رغباتها بشتّى الطّرق، والسّيطرة على كلّ من حولها باختصار، وإن صح القول السّيطرة على الجميع، وتجميع كافّة قطع المكعّبات كما يفعل الصّغار بجانبهم.
أمثلة هذه العلاقات السّامّة لا يمكن معالجتها أو إيجاد حلّ وسط يرضي كافّة الأطراف، في هذه الحالة كان الحلّ الأمثل هو البعد عنها، حتّى لا أتأثّر بها وبسلبيّتها، ومن هنا ومن هذه النّقطة بالذّات، فإنّ لكلّ منّا منطقة وسيطة من خلالها يستطيع معرفة ما هو قادر على الوصول لحلّ وسط له، وما لا يستطيع الوصول لحلّ وسط له، بمعنى أدقّ ترك الأمر كما هو عليه، وعدم إكمال هذه العلاقة.
ثقافة الاختلاف هي الحل
وتبقى ثقافة الاختلاف عنصرًا مؤثّرًا في حياتنا اليوميّة؛ لما لها من حقيقة ثابتة في كوننا بشرًا، مختلفين فيما بيننا، العنصر الأهمّ ماذا نقدر أن نفعل في ضوء هذا الاختلاف ومعرفتنا به؟ لا أخفي عليك سرًّا، إنّ الاختلاف هو جوهر وعنصر هامّ في الحياة، فلو كنّا متشابهين فإنّنا لن نحتاج إلى بعضنا البعض من الأساس.
أقبل وجود هذا الاختلاف، والجزء الّذي بداخلي الرّافض له…
أقبل الفوضى بداخلي، والجزء الدّاخلي الرّافض لها…
أقبل كلّ مشاعري دون قيد أو تقيّد أو حكم، وأقبل كذلك الجزء الرّافض لها…
أقبل النّور والظّلام، أقبل الملائكة والشّياطين، أقبل عدم الكمال، أقبل الحسنات والسّيّئات، والنّور والظّلام.
أمشي وحيدًا في الظّلام باحثًا عن هذا النّور الّذي سيرشدني إلى هذا الطّريق الّذي أعتبره صحيحًا، وسط عتمة اللّيل المظلمة، عليك تكوين ثقافة داخليّة تأخذك إلى برّ الأمان في وسط هذه الأشياء المحيّرة الموجودة في هذه الحياة، ابحث عن هذه الشّعلة الّتي تنير لك هذا الطّريق وسط عتمة البحر واللّيل، ولا تفقد الأمل فإنّ الآمال لا تموت إلّا إذا قرّرت لها أنت الموت.
هل أدركت يوماً أن بداخلك عالماً يسير به الهواء والماء والطعام والخلايا والعديد من الخلايا التي تعمل بصمت لوحدة هذا البناء؟
هل تذكرت الله؟ هل شكرت نعمته اليوم على ما منحك إياه؟
إذا دخلت خلية دخيلة كخلايا السرطان فإن كل ما تفعله أن تهاجم الجسد ثم تجعله يمرض ويموت ثم تموت هي معه، لذلك فإن الوحدة هي الأصل.
اعمل من اليوم على أن تجعل يومك مشرقاً بالأمل والحياة وانظر إلى الجميع وتعامل معهم علي أنهم أنت، لا يوجد أبيض أو أسود، متشرد أو غني، ذكي أو غبي، جميلة أو قبيحة، طويل أو قصير، بل أنا ونحن.