ترحال هو تطبيق محمول وموقع ومركز اتصال يقدم خدمات سيارات الأجرة / التاكسي، على غرار شركتي أوبر و كريم. (الرابط)
بدأت قصة شركة ترحال في يوم الخميس ٩ سبتمبر ٢٠١٦م في ولاية الخرطوم – السودان والتي أسسها كل من عمر الزاكي وابنه م. محمد الزاكي (رابط حسابه على لينكدان)، وصديقه م. صديق التاج، وممول الفكرة ياسر عباس.
(من يتابع التعليقات على مواضيع المدونة سيجد بعض هذه الأسماء حاضرة في تعليقات عدة – خاصة صديق التاج، أي أن أبطال قصة النجاح هذه هم من قراء المدونة مثلك، ولعل الأيام تدور قريبا ونحكي هنا عن قصة نجاحك يا بطل.)
في أول يوم أطلقوا فيه خدمة ترحال كان لديهم ٣ سيارات فقط، وهي سيارات الأهل والأصدقاء.
قصة أول رحلة في تطبيق ترحال
لغرض التسويق لمشروعهم الناشئ، أطلقوا حملة إعلانية صغيرة لصفحتهم على موقع فيسوك (الرابط)، وانتظروا طلبات الرحلات.
بعد مرور ساعتين من بدء تشغيل الإعلان، جاءهم أول طلب رحلة من سيدة في حي المنشية الراقي بالعاصمة الخرطوم، وأول رحلة نفذها الرحال/السائق: عمر محمد الحاج ابن عم محمد الزاكي مؤسس ترحال.
بسؤال المؤسس عمر الزاكي عن أول رحلة في ترحال، قال: “عندما أتانا أول طلب رحلة عبر التطبيق هللنا وكبرنا فرحا واستبشارا ببداية العمل، وذهبت أنا بسيارة والدي نوع كيا موهافي كحلية اللون، وهي سيارة كبيرة الحجم، وضعت في أعلاها علامة التاكسي وانطلقت للتنفيذ. حينما وصلت إلى أول عميلة اندهشت من سرعة الاستجابة، ونوع السيارة، وتعامل الرحال.. كان يوما جميلا جدا وفارقا في حياتي.”
في الستة شهور الأولى، نما موقع ترحال بوتيرة متسارعة، وكان عدد العملاء وعدد الرحالين (السائقين) وعدد الرحلات/المشاوير يزداد يوما بعد يوم.
البداية الصعبة لتطبيق ترحال
كان السوق واعدا جدا، وكل الأرقام تبشر بخير كثير، رغم البداية الصعبة جدا، حيث كانوا يجلسون على أربع طاولات وأربعة كراسي مستعملة كثيرا ما أوقعت أحدهم لضعفها. إذا كان هناك خمسة أشخاص في المكتب، اضطر أحدهم إلى الجلوس على الأرض، لعدم توفر كراسي.
يكمل محمد الزاكي حديثه: “منذ الشهر الأول، نفد كل المال الذي بحوزتنا، ومررنا بظروف صعبة جدا، حيث لم نكن نمتلك نقودا لنشتري بها الطعام أو حتى القهوة، وكنا نضطر لتناول الطعام في منازلنا فقط، وهنا أود أن اشكر والدتي كثيرا، فهي كانت تصر على أن احمل معي طعاما وترمس القهوة من المنزل، كما كانت تدعو لنا كثيرا…
كل رأس المال الذي كان بحوزتنا ساعتها أنفقناه على شراء البرامج والتسويق، حتى لم يعد لدينا أي مال لتسديد فواتير الكهرباء، ومن حسن الحظ وقتها أن أحد شركاءنا وفر لنا شقة بها وصلة انترنت سريعة مقابل نسبة من أسهم الشركة.
كان البرج السكني الذي به مقر الشركة في بدايتها يغلق أبوابه عند الخامسة مساء، وكانوا يوقفون اتصال الانترنت كل يوم، مما أدخلهم في نقاشات حادة وكثيرة حتى وافقوا على ترك اتصال الانترنت يعمل، ولكن كانوا يوقفونه يوم الخميس، كما لم يكن مسموحا لهم بالعمل حتى أوقات متأخرة من الليل.
رغم صعوبة الفترة الأولى من بداية الشركة، لكن الجميع كان مستمتعا جدا بوقتهم، يحبون عملهم، ويؤمنون بان المستقبل سيكون أفضل بإذن الله تعالى.
كان الرحالون يحولون نسبة ١٠٪ من قيمة أجرة كل رحلة للشركة عبر تحويل الرصيد،
في الشهور الأولى كانت هذه النسبة بالكاد تكفي لشراء احتياجات المكتب، وأحيانا أخرى لم تكفي حتى الأساسيات.
النمو يحتاج للمال فمن أين؟
مع النمو السريع للشركة وزيادة متطلبات العمل، أصبحت الشقة مقر الشركة لا تكفي، لكن الانتقال لمساحة أكبر يحتاج للمال، فمن أين لهم بالمال الذي يساعدهم على التوسع ومجاراة هذا النمو؟
يتحدث محمد الزاكي عن هذه الفترة قائلا: “بدأنا رحلة طويلة، ومضنية للحصول على التمويل مقابل نسبة من الشركة. كنا موزعين ما بين العمل المرهق، ومحاولة إعداد دراسة جدوى اقتصادية للحصول على التمويل.
ذهبنا إلى عشرات الممولين، رجال الأعمال، تجار عموميين، تجار ذهب وحديد، عاملين في مجالات الاتصالات والعقارات وغيرهم، وقوبلت كل محاولاتنا بالرفض التام، المهذب في أحيان كثيرة، والجاف في أحيان أخرى.
لم نترك شخصا نعرفه أو تعرفنا عليه لم نعرض عليه الاستثمار في ترحال، واستمر هذا البحث المضني لمدة ٦ شهور حيث لم نترك بابا للتمويل إلا طرقناه…
كان أكثر ما يقلقنا ساعتها نية شركتي زين و سوداتل للاتصالات الدخول في هذا المجال، مما كان يعني نهاية مأساوية لنا حسب تصورنا.
رغم المصاعب، تزوجت في ديسمبر ٢٠١٦م في ظروف بالغة التعقيد، وكان زواجي فاتحة خير وبركة علينا جميعا.
في شهر مارس ٢٠١٧م وافق اثنان من الممولين الاستثمار في ترحال بما يفوق ١٥٠ ألف دولار (وهو مبلغ كبير بالنسبة لنا)، اخترنا أحدهما بعد اجتماعات مطولة لخبرته الكبيرة في مجال الاتصالات.
من هذا المال اشترينا الكثير من الأجهزة والمعدات، كما وظفنا شبابا أكفاء وأذكياء، وأجرنا شقة ثانية، وأنشانا مركز ترحال لتدريب الرحالين (السائقين) بأحدث التقنيات المتاحة.
بعد فترة من الوقت وبسبب عطل فني توقف منافسنا (شركة مشوار والذين كانوا رقم واحد في السوق ذلك الوقت) عن العمل لمدة ٣ شهور تقريبا.
عندها أصبح ضغط العمل علينا كبيرا جدا، ازدادت الطلبات، والمكالمات… واجهنا ظروفا صعبة، مع نمو متسارع جدا، كان يمكن أن ننهار… لولا توفيق الله لنا.
اذا توقف منافسك الأكبر منك حجما عن العمل فجأة، يمكن أن يدمرك هذا إذا لم تكن مستعدا جيدا…
اخترنا مجلس إدارة بتوصية من الجمعية العمومية، وكانت لديهم خبرات متعددة في كل المجالات التي نحتاج لها تقريبا. تم تعيين عبد الناصر حسن مديرا عاما للشركة و محمد عمر الزاكي نائبا له ومديرا تنفيذيا للشركة.
بعد أقل من عام، الدخل يفوق المصروف
أصبحنا نحقق دخلا ماليا جيدا منذ مايو ٢٠١٧م، وتعود أهمية هذا التاريخ إلى أنه أول شهر يفوق فيه دخلنا مصروفاتنا…
واصلنا النمو ثم النمو، بصورة متسارعة جدا، بلغت أحيانا ١٠٠٪ شهريا بفضل الله تعالى.”
وهنا حيث انتهى كلام محمد الزاكي.
محطات في تاريخ ترحال
- البداية ٨ سبتمبر ٢٠١٦م.
- مشاركة ترحال في مؤتمر GITR Khartoum 2016 نوفمبر ٢٠١٦م.
- تمويل seed مارس ٢٠١٧م.
- تدشين خدمة ترحال نواعم، للنساء فقط في يونيو ٢٠١٧م.
- استضافة ترحال في Startup Grind Khartoum 2017 سبتمبر ٢٠١٧م.
- من شقة صغيرة، إلى 3 مباني ضخمة (٣ و ٤ طوابق).
- من مشارك في GEW 2016 إلى راعي مؤتمر GEW 2017.
- الناقل الرسمي لمعرض الخرطوم الدولي – الدورة ٣٥ يناير ٢٠١٨م.
- إنفاق أكثر من مليون دولار على الدعاية والإعلان منذ التأسيس.
في نوفمبر ٢٠١٩ م، وبعد مرور ثلاث سنوات على التأسيس وبدء العمل:
- من ٣ رحالين/سائقين إلى أكثر من ٥٠ ألف رحال / سائق.
- من عميل واحد فقط، الى أكثر من ٤ مليون عميل.
- من تغطية مدينة واحدة الى من ٤ مدن.
- من رقم اثنين في السوق السوداني، إلى الاستحواذ على أكثر من ٩٠٪ من السوق السوداني.
- من خدمة واحدة، الى ٨ خدمات.
- خدمة عملاء ٢٤ ساعة على الرقم المختصر: 2407
- إكمال 20 مليون رحلة خلال الثلاث سنوات
- أكثر من مليون تنزيل للتطبيق من متجر جوجل بلاي ليكون ترحال أول تطبيق جوال يصل لهذا الرقم في السودان وإلى اليوم لم يحقق أي تطبيق آخر هذا الرقم.
هنا حيث تنتهي التدوينة، وأود شكر محمد الزاكي على مشاركته بهذه الأرقام والتفاصيل من القصة، ودعواتي له ولرفاقه (خاصة قراء المدونة) بالتوفيق والنجاح حتى نقرأ ذات يوم أن ترحال أصبحت التطبيق الأول في العالم كله…
أخيرا، أرجو من صناديق الاستثمار المغامر والجريء العربية بأن تفكر جديا في الاستثمار في شركة ترحال والتي ترغب حاليا (كما فهمت) في دخول بلاد عربية أخرى.