كثير منا لا يتقبل الاختلاف في أشياء كثيرة، ودائماً ينظر إلى كل شخص مختلف عنا أنه شخص لا يصلح للحياة، أو شخص ضعيف أهبل معقد ومجنون، وما إلى ذلك من الصفات التي نطلقها على الأشخاص المختلفين عنا في الصفات، والإمكانيات، والنشأة، والتربية، والبيئة المحيطة. وإن الله تعالى قد أوجد الاختلاف في الأرض ليساعد بعضنا بعضا، فإنني أدعوك أن تتخيَّل كوناً به كل الأشخاص مثل بعضهم بالضبط بلا أيّ اختلاف، أعتقد أنك وصلت إلى وجهة نظري في أنها ستكون حياة مملة، وكذلك لن يتواجد من يساعد الآخر لأننا متماثلين تماماً في كل شيء. لذا لكي تعيش حياة سليمة لا بد لك من أن تتقبل هذه الثقافة ألا وهي أننا مختلفون فيما بيننا في الصفات، في التربية، في النشأة، في الطباع، في الأخلاق، في كل شيء… وهذا الاختلاف هو رحمة من الله عز وجل وحكمة كبيرة جداً لا يعرف قدرها إلا من أخذ وقتاً وتدبر في النظر إليها بعين اليقين والحكمة. أتذكر في يوم من الأيام أن أحد الأشخاص، وقد كنت مؤسساً لصفحة على الفيسبوك تهدف لنشر الفيديوهات التي تختص بمجال التنمية البشرية والوعي البشري إلا أنه دخل وقام بإلقاء وابل من الشتائم النابية مع العلم أنني أنشر علما، وهنا تقبلت ذلك، وكان ردي مجرد شكراً لذوقك ويوم سعيد عليك! كنت بالسابق أتعصب لمثل هذه المواقف، وأرد بطريقة حادة وغاضبة، وقد توقعني في أخطاء كثيرة، لكن مع مرور الوقت وبالأخص بعد عمر الثلاثين أصبحت أنظر إلى الأمور وأفندها إلى أمور هامّة، وأمور أخرى لا تستحق الوقت، أو الرد بقول شكراً، أو نظرة، أو عدم الاكتراث في أحيان كثيرة أخرى لأن مجرد الرد مضيعة للوقت والجهد، وقد يوقعك في أخطاء تؤنب ذاتك فيما بعد. وأن قدرة الإنسان على الاستمرار تكمن في قدرته على تقبل التغيير، وهذه إحدى النظريات التي أؤمن بها بشدة، فإن قدرتنا على تقبل التغيير هي ما توصلنا إلى ما نصبو إليه من أهداف حياتية، وأن الوقوف داخل دوائر الأمان (نظام الدفاع الذاتي) هو ما يوقعنا في الألم حيث يكسبنا الكسل عدم العمل، وعدم السعي إلى ما هو جديد بالطبع كل هذا فيما يحقق النفع. فمن خلال المثابرة وبذل الجهد والعرق والتعلم من الأخطاء تستطيع أن تصل إلى أشياء قيمة، وذات قيمة عالية فإن من يتعب بالتأكيد سيصل إلى ما يريده. لا تعتمد على اللعاب الحظ، وعدم بذل الجهد، بل اجعل مبدأك في الحياة هو العمل والجهد، فإن الحياة مدرسة كفيلة بتعليمك هذه الأشياء. العديد من البشر في أنحاء العالم يشترون هذه اليناصيب ليس إلا للاتكال على ضربة الحظ، الكل يسعى إلى عدم بذل العرق والجهد فنحن نعشق الراحة وعدم العمل. لذا إذا أردت أن تغيِّر يومك وتغيِّر من نفسك فإن أول ما عليك أن تفعله هو أن تغيِّر طريقة تفكيرك أولاً… لا تنتظر شخصاً آخر ليغيرك إلى الأفضل. قم أنت باتخاذ هذه الخطوة وغيِّر من نفسك. لا أحد يعلم نفسك أفضل منك بكل تأكيد؛ لذلك تقفل الفشل بحماسة تقبل الإخفاقات بكل فخر، فكل معركة خاسرة هل في الأصل معركة مميَّزة تركت في جسدك ندوب من أثرها وكن فخوراً بها. أحياناً نخسر معارك كثيرة، لكننا لا نخسر الحرب فإن الحرب لا تنتهي إلا بموت هذا المحارب. كنّ محارباً أو محاربة مهما كانت إعاقتك أو مرضتك لا تجعله حائلاً عن تحقيق حلمك مهما كان. أنت تملك هذا الصوت الَّذي لا أحد على وجه الأرض قادر على إخراسه، الله معك في كل وقت، كل ما عليك هو الإيمان، فقط الإيمان به والتوكل عليه، ومن ثم الإيمان بنفسك. الحب والإخاء هما الجسر الَّذي يوصلك إلى قلوب الناس فتكون أمينًا على قلوبهم، بينما الحقد والغيرة والأغلال الَّتي تنصبها على قلبك ستنال منك قريبًا؛ لأن الكثير من العلاقات أصبحت في هذا العالم مبنية على الزيف والمصلحة كما يُقال. أدعوك اليوم إلى ترك المعتقدات القديمة حول علاقات، حول المصلحة المشتركة، وأدعوك إلى نبذ الخلافات، والتآخي، والتقارب بين الأصدقاء؛ لتكون شبكة فعلية من الأصدقاء الحقيقيين، وليست صداقات الشاشات البعيدة الخالية من الأحاسيس، فإذا كنت الآن أمام أحد الهواتف النقالة أو جهاز حاسوب، هل لك أن تقول لي بماذا يشعر الطرف الآخر حيالك؟ لا أعتقد ذلك بالفعل؛ لأن الشاشات اللعينة لا تنقل الأحاسيس والمشاعر، وأن الصديق الحق هو من تلجأ إليه وتجده وقت الضيق، فمن الممكن أن تكون أقل من أصدقائك في أشياء كثيرة، إلا أنك بمحبتك الَّتي تعطيها لهم دون تظاهر أو مصلحة شخصية تجعلهم يلتفون حولك كالشمس وهم الكواكب من حولك، كل هذا يعتمد عليك. فإن ما تراه بعيدًا هو قريب منك بشكل ما، الكون يعيد تشكيل نفسه ليظهر حقيقتك كما هي دون تزييف، أو رياء، أو تعظيم، أو تقليل. فإن جسدك يتفاعل مع مخاوفك الداخلية، ويعبر عن المرأة لتلك المشاعر بطريقة ما ويعكسها مرة أخرى إليك لتكن هي واقعك واستحقاقك في الوقت الحالي، ويقول البعض: إننا كلنا نحمل الأنوثة والذكورة بداخلنا قوة الين واليانج، فكلا الطاقتين موجودتان بالداخل، فإن الخارج بداخلنا. المرض تعبير لما بداخلك، فعلى سبيل المثال إذا ما أقنعت عقلك الباطن بالمرض فإنك ستمرض بلا شك؛ لأنك أرسلت طاقة داخلية للمرض فيعمل الكون على تحقيقها لك بكل تأكيد، لذلك عليك بالتغذي على الطاقات الإيجابيَّة والعمل على النظر إلى نفسك والكون بصورة إيجابية، بالتالي يدور ذلك وينعكس على الواقع الَّذي تحياه. راقب الكلمات الَّتي تقولها، فلا تكررها فتجعلها برمجة يؤكد عليها عقلك وجسدك، وتندمج في داخلك وواقعك، فتكون أنت من أنشأت الواقع الَّذي أنت تحياه… بكل تأكيد كثير منا يُنشئ واقعه دون أن يدرك ذلك، كيف؟ عن طريق إرسال الذبذبات والطاقات السلبيَّة الَّتي تنمو بداخلها، ليس هذا فقط، بل إنه ينشرها، فالمشاعر معدية. إذا ما جلست بجانب شخص إيجابي فإنك في الغالب ستنال من هذه الطاقة الإيجابيَّة، وبالعكس إذا كان الجو سلبيًا قاتمًا أسود فماذا تنتظر أن يكون يومك أو شخصيتك؟ ستكون شخصًا سلبيًا ستكرر البرمجيات السلبيَّة بكل شك. وإن هناك بعض الأفراد الَّذين ينظرون للطاقات السلبيَّة على أنها الواقع وأن الحياة غير عادلة وليست كما كانت، وأن الماضي كان أفضل وهكذا، بالطبع هذه أيضًا برمجة سلبية. ماذا أفعل لأكون إيجابيًا؟ انظر للحقائق، لخّصها واعلم أن لكل بداية نهاية، وأنك مثل فصول السنة الأربعة تمر بهم بداخلك بلا أدنى شك أو قيد، اقبل الواقع بلا مقاومة، فكر في أشياء إيجابية، فإن الإيجابيَّة تخلق الإبداع. اعلم أن هناك بعض المدارس الَّتي تدعو إلى اللامبالاة كما هو في كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون الَّذي يعارض الإيجابيَّة ويهاجم مدارسها، إلا أن الطاقات الإيجابيَّة ستظل هي الأقوى، وإن كان هدف الكاتب ألا تعير أي شيء بالًا، وأن الأشياء ستتحقق من ذاتها، وبطبيعة الحال بما أننا نتحدَّث عن قوانين وعلوم اجتماعية كتبها البشر فإن كلًا منا يكتب من وجهة نظره ورؤيته للموقف، فإن أصبحت لا مبالٍ لما يحدث فكيف ستدرك ما يحدث فعلًا حولك!