كيف تكون متميزًا في عملك، مؤثرًا في مكانك
إن العمل أمر حتمي وإن دعت الأفلام إلى الحياة الرغدة وحياة علاء الدين الذي يطلب بالمصباح ما يريد فإن ذلك غير متواجد في الحياة العادية، ولكن مثيل هذه الأفكار أكسبنا الكسل، والتواكل، والاتكال على الغير في تحقيق ما نريده.
في الحياة الطبيعية فإنه عليك أن تعمل لكي تصل لشيء تريده، الحياة التي تريدها، الراحة، الشعور بالأمان والثقة والمكانة الاجتماعية، فالعمل طبيعي، ولعلنا هنا نرى أن كل الأنبياء كانوا يعملون، فلم يوجد نبي بلا عمل، وهنا يريد الله عز وجل أن يوصل إلينا رسالة، وهي أنه لا بدَّ أن يكون لك عملاً لتصل إلى الأشياء التي تحبها وتريد تحقيقها في حياتك.
لا بدَّ أن تكون متحمسًا في عملك مهما كان، ولكن اطمح في الأفضل بالطبع؛ لأن هذا حقك بلا شكّ وارضَ في نفس الوقت بما لديك ولا تقلق، فإن خزائن الله تعالى مليئة بالعطايا، والمنح، والنور، والكرم، والجود، والسخاء.
لماذا يصيبنا الإرهاق بالعمل؟
إن سبب إرهاقنا ليس العمل، بل هو القلق، والكبت، والاستياء، فإن عدم حبك لما تعمل هو الأساس، فإن القلق، والاكتئاب، والتوتر، والإرهاق الدائم في العمل فلك أن تجرّب أن تحب ما تعمل وستجدك تنجز بصورة أكبر وتذهب إلى منزلك وأنت تشعر بمعنى الإنجاز، وإن طعم الإنجاز جميل بلا شكّ.
فحيث يكمن مصدر الإثارة توجد الطاقة والسير عشر خطوات مع زوجة متذمرة أكثر إرهاقًا من السير عشرة أميال مع فتاة تحبها.
نحتاج أكثر إلى التمارين الروحية أكثر من التمارين البدنية، فعليك أن تمرِّن عقلك كل صباح كي تندفع للعمل، فتحدَّث مع نفسك كل صباح.
وإن لم تجد السعادة في عملك لن تجدها في أي مكان آخر، فإنك تقضي العديد من الساعات خلال اليوم الواحد وتكوّن صداقات بالعمل ويكون العمل بالنسبة إليك عائلتك الثانية، وتذكر أن اهتمامك بعملك يزيل عنك القلق، ويوفر لك الترقية وزيادة الدخل.
من المطلوب منك أيضًا عمل توازن بين العمل والحياة، كما أشرت سابقًا؛ لأن هذا التوازن الطاقي سيجعلك على دراية بالحياة بشكل عام، كما أنه يزيد من طاقاتك في مجابهة ظروفها القاسية أحيانًا، واعلم أن لكل شيء نهاية فكل شيء له بداية له نهاية، فإذا مررت بالعمل بشيء سلبي لا تعتقد أنه سيدوم إلى الأبد، بل اعلم أنه لن يستمر، “إن مع العسر يسرًا”، فإن العسر مع اليسر في ذات الوقت، في نفس الاتجاه، وبالتالي هذه أحد قوانين الحياة، فإنه كما بالأعلى هو بالأسفل، وكما هو بالداخل هو بالخارج.
المطلوب منك حُب عملك، ولكن ليس على حساب حياتك، وازن بينهم، كوِّن طاقتك، اشحذ هِمتك، فإن هناك من يقوم بعمل شيء بحب فيقوم بالإبداع به، بالتالي تتجلى عظمته في هذا الشيء، ومن ثم يصبح هذا الشيء عظيمًا. لك أن تعلم أن الكاتب بوكوفسكي قد ألف كتاب “مكتب البريد”، وعمره خمسون عامًا، وكان قراره صعبًا وقتها، إما أن يجن بمكتب البريد والاستمرار في وظيفة لا تفي بطموحه، أو أن يكتب ويموت من الجوع، فقرر الثانية، والعجيب أن روايته لاقت قبولًا، وأن أشهر عباراته: “لا تحاول”، والتي لا أعتقد أنها صحيحة، فإن كل محاولة هي عَبَّارة وسفينة للنجاح، وكما فعل توماس أديسون، فقد حاول 999 محاولة من أجل محاولة واحدة فقط ناجحة لتفيد العالم ليومنا هذا، فإن الأمر يستحق فعلًا المحاولة.
طَوِّر من مهاراتك:
إن الخطأ الذي يقع فيه معظم البشر هو الاستقرار على حال ما، فإذا ما اجتهدت للحصول على وظيفة ما وبالفعل حصلت عليها ستجد أنه أصابك الكسل، وبعد ذلك تستكين، هنا تكمن لب المشكلة، فإنه لا بدَّ أن تكتسب العديد من المهارات التي تُكوِّن أسلوبًا للحياة وليس مجرد فترة من الزمان، على سبيل المثال القراءة، لا بد أن تقرأ في العديد من المجالات لأنه بالقراءة يزداد الوعي والإدراك، ليس هذا فحسب، بل يزداد معه الإثراء العقلي، فإن القراءة هي ما يميِّز إنسانًا على إنسان، ولعلك تدرك ذلك عندما تجلس مع شخص ما يطلع على كتب ومراجع، ويحضر الندوات، ويتحصل على المعلومات فتجده مميَّزًًا عن غيره، فإن السعي في القراءة وتحصيل العلم هو ما يميِّز إنسانًا على إنسان آخر، لكننا نستكين لما يصل إلينا دون سعي منا للحصول على المعلومات اللازمة لعملنا، لذلك نظل في مكاننا.
فإذا كنت في مجال ما فلا بدَّ أن تسعى لمعرفة ما يدور به من مستجدات، تذهب لحضور كورسات، أو الدراسة من المنزل عبر الانترنت، أو مواقع مثل “LinkedIn” التي بها ملايين الكورسات التي تثقل مهاراتك ووعيك، وبالتالي يزداد الإدراك الذهني والتأثير في الآخرين بالطبع؛ لأنه كلما زادت مهاراتك زادت قدرتك على التأثير في الآخرين.
الرياضة:
أعرف أنك ستظن أنه أصابني شيء من الجنون، فما علاقة الوظيفة وأن تصبح ذا مركز مرموق بالرياضة، دعني أدلك على سبب ذكري لذلك، فإن الرياضة تقوم بتصحيح الجسد، وتقي من العديد من الأمراض، وتنشط القلب، تقضي على التوتر والاكتئاب، ولعلَّ هناك العديد من الدراسات التي تحدثت عن تأثير الرياضة على القلق والاكتئاب، بل إن بعض هذه الدراسات أثبتت أن ممارسة الرياضة بشكل يومي تقي من الأمراض وتعادل بعض الأدوية النفسية في التأثير، وكذلك التعرض للشمس، فإذا ما تعرضت للشمس لمده 10 دقائق على الأقل فإن ذلك يكسب جسدك فيتامين (د).
إنّ معظم الناس يُمكنهم إنتاج ما يكفي من فيتامين (د) عند التعرّض للشمس يوميًا، ولفتراتٍ قصيرةٍ عند كشف الأذرع، أو اليدين، أو أسفل الساقين، دون استخدام واقٍ للشمس، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ الجلوس بجانب نافذةٍ مشمسةٍ داخل المنزل بهدف الحصول على فيتامين (د) لا يُفيد؛ وذلك لأن الأشعة فوق البنفسجية التي يحتاجها الجسم لإنتاج هذا الفيتامين لا يُمكنها اختراق الزجاج، كما أن التعرُّض لمدة طويلة للشمس يُعدّ ضارًا أكثر منه نافعًا.
تعمل الرياضة بصورة فعالة على تحسين الأداء المهني، فتجد أن النشاط مرتبط بالأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل مستمر، فتجدهم أقل عرضة للقلق، وأكثر نشاطًا ببيئة العمل، وأكثر وعيًا وإدراكًا لما يدور حولهم من مستجدات تتعلق بالعمل بشكل عام؛ لذلك كانت نصيحتي هي على الأقل أن تقوم برياضة المشي…
فبدلًا من ركوب سيارتك قم بالمشي لمدة من ثلاثين دقيقة إلى ساعة كل يوم، تعرَّض للشمس بوقت مناسب، قم بممارسة التمارين إما بالبيت، أو بالاشتراك في جيم للحصول على جسم مثالي وصحي، واحرص أيضًا على المأكولات الصحية، قلل السكر كلما أمكن، قلل الزيت والسمن الذي يعد خطيرًا على القلب، كلما أكلت أكلًا صحيًا ومارست الرياضة فاعلم أنك بالطريق الصحيح، وستشعر بالفرق صدقني.
نشر المعلومات في بيئة العمل:
بالمجتمع العربي ومن واقع تجربة شخصية ببيئة العمل فإن هناك العديد من الأشخاص الذين يعملون على الاحتفاظ بالمعلومة لذاتهم دون غيرهم من الناس ظنًا منهم أن ذلك يكسبهم المكانة وسط الزملاء، أو كما يُقال بالمصري: “لا يستطيعون الاستغناء عنه؛ لمهاراته وقدراته في العمل”.
ويظنون أن احتفاظهم بالمعلومة هو السبب في بقائهم في ترقياتهم في وظيفتهم، فمن الواقع الفعلي كنت أصادف أفرادًا لا يُعلِّمون الناسَ شيئًا، بل يحتفظون لنفسهم بالمعلومة ليكونوا الأفضل، وهؤلاء يتحدثون ويفعلون الأشياء من وعي منخفض بالطبع، فإن نشر المعلومات والبيانات وتعليم الزملاء يخلق الجيل الثاني والثالث بالعمل…
ولا سيما أنه عندما تشارك المعلومات فإنك تكتسب أفضل منها، ولك حق التجربة، فقم بتجربة تعليم الأفراد أو زملائك بالعمل، ودع الواقع يحكم، فستجد أنه تتفتح لك أبواب للعلم وكسب المعلومات، والتي ستعمل على ثقل مهاراتك، ويكسبك الاحترام وسط الزملاء، وتقديرهم المعنوي.
إن للتقدير المعنوي هالة وطاقة تنتشر في المكان، مما يضفي على هذا المكان روح التعاون والإيجابية، هذا ما كنت لأذكره لو لم أبدأ أولًا بزيادة وعيك ومشاعرك وكيفية التعامل معها، وكذلك معرفتك الآن بالقوانين التي تدير هذا الكون الواسع الذي خلقه الله تعالى ليكون حافظًا لنا.
تحدث أحد الكتاب في كتاب “48 قاعدة للسطوة” عن الاحتفاظ بالمعلومات، وأن تكون مميَّزًا لا بدَّ أن تكون مخادعًا أو أفاقًا، وبالطبع فكلها أفكار لا تمت للواقع بصلة، فإنك إن وصلت بهذه الطريقة الشنيعة فهل ستكون واثقًا من أنك بالفعل نجحت؟
لا أعتقد بالفعل ذلك، وإن نجحت بالفعل فإنك ستكون قد خسرت ما هو أعز من النجاح، ألا وهو نفسك يا عزيزي التي قمت ببيعها بالرخيص، بالمجاملات الزائفة، والطرق الملتوية، والاعتلاء على الآخرين، والقضاء على الخصوم، كما يقول الكتاب، وهذه مساحة وعي ضيقة جدًا من منظور ضيف، فإنني آخذك اليوم إلى المفهوم الواسع، ألا وهو الوعي الكامل والإدراك، وذلك من خلال نشر ما تعلمته كلما أمكنك ذلك، لماذا لا تُنشئ مدونة متخصصة؟
لماذا لا تكتب؟ لماذا لا ترسم؟ أينما كان مجال تفوقك اسمح له بالظهور، لا تقل لنفسك: لن أنجح، فماذا فعل مَن قبلي! هذا خطأ فادح، فلو كان كذلك لما قام أي من الناجحين بتسطير النجاح من أساسه.
العظمة الداخلية
إن العظمة لله تعالى لا شكَّ في ذلك بالطبع، ولكنني أتحدث هنا عن إحساسك بأن الله قد خلقك عظيمًا، بمعنى أنك المخلوق الوحيد الَّذي ميزه الله تعالى بنعمة العقل، ومن ثم التفكير بالمستقبل، كيفية استغلال الفرص، فلا بدَّ أن تكون ممتنًا لذلك، كل يوم تستيقظ به وتحس بهذه النعمة في عروقك، وبالتالي إذا ما أحسست بهذه النعمة لا بدَّ عليك من الشكر والثناء على القوة العظمى التي تدير هذا الكون، وهي بالطبع الله تعالى مصدر النور والقوة والحب…
فاعلم أن الله تعالى أدار هذا الكون بالحب وليس بالكراهية أو الخوف كما يسوق بعض الأفراد بأن الله شديد العقاب ويخيف الناس، مع العلم بأن رحمة الله تعالى واسعة؛ لذلك إذا وصلت لمرحلة الحب لله تعالى فاعلم أنك ستفتح لك أبوابًا لم تكن لتراها من هنا إذا ما أدركت أنك شيئًا عظيمًا.
من منطلق هذا وبكل صدق وأمانة ووعي وتواضع ستعمل على مساعدة الآخرين في الوصول إلى أهدافهم كما وصلت لهدفك، حضر لكل أهدافك، قم بكتابتها، ولكن دون تعلق أو فخر، بمعنى لا تتعلق بها وتقول: إن لم أحقق كذا فأنا فاشل بالطبع، بل انظر لها من منظور واسع، اعلم أنك تسعى، وقم بالمضي في أكثر من اتجاه إلى النور وإلى الجد، وحقق في اتجاه متوازٍ في أكثر من اتجاه، قم بعمل أجندة لكتابة تجاربك وإخفاقاتك، شاركها مع غيرك ليستفيدوا من تجاربك؛ لأن بالتأكيد لديك ما تشاركه معهم، فيقوم ذلك بنشر الوعي والثقة بين الأفراد، وكذلك الانطلاق في فضاء النمو الذاتي.
تحدَّث الدكتور إبراهيم الفقي في كتابه “المفاتيح العشر للنجاح” عن قوَّة الدوافع في دفع الإنسان لتحقيق الأشياء التي يرغب بها والتخلص من الطاقات السلبيَّة، فإنها المحرك للسلوك الإنساني، وكما قال فرانسيس بيكون: “نصيب الإنسان موجود بين يديه”.
إن هناك العديد من الأفراد لم يكن عنده الدافع لفعل شيء محدد، على سبيل المثال تجد شخصًا ما يحتل مركزًا مرموقًا في وظيفة مرموقة، إلا أنه استقال من هذه الوظيفة التي تُعدّ بالنسبة إليك حلم كل شاب وفتاة، لماذا؟
لأنه فقد الدافع على الاستمرار بها، لم يجد الشعلة التي تشعل حماسه للاستمرار بها، فإن توافر الدافع هو ما يبعث الطاقة أو تدفق الطاقة في عروقك إن صحَّ التعبير لفعل الأشياء، وإن بدت هذه الأشياء من وجهة نظرك من المستحيلات، فإن هناك أحد أفلام الأبطال الخارقين يُدعى شازام، إذا ما نطق هذا الاسم تتدفق الطاقة ويصبح الولد الصغير قويًا جدًا، أي بطلًا خارقًا أشبه هذا الأمر بالدافع الَّذي إذا ما استدعته بصدق وتيقن وقوة تصبح بطلًا خارقًا مهما كانت بنيتك الجسدية والعقلية…
ومن هنا نجد الاستدعاء الروحي للطاقة وتجسيدها في العروق؛ لكسب لقمة العيش بكد وتعب وليس بأخذ حقوق الآخرين، إن قوَّة الدوافع هي المحرك الأساسي للتقدم لأي إنسان على وجه الأرض، وهي الطاقة الإيجابيَّة التي يجب أن نتحلى بها جميعًا لنصل إلى ما نريد.
قال دنيس ويتلى مؤلف كتاب “سيكولوجية الدوافع”: “تتحكم قوة رغباتنا في دوافعنا، وبالتالي في تصرفاتنا”.
وقد يكون الدافع داخلياً، أي من نفسك أو مكتسبا من الآخرين، ويكون خارجيًا، أي مستمدًا من مصدر طاقي خارجي، وهنا تأتي الطاقة، فإن الطاقة تنتقل في الكون على هيئة ذبذبات، وبالتالي كلما زادت ذبذباتك زادت قوتك الداخلية وأصبحتَ من ذوي الطاقات الإيجابيَّة، وقد تحدَّث الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب عن الطاقات السلبيَّة وكيف تحولها إلى طاقات إيجابية، وكذلك القوانين الكونية التي يدار هذا الكون بها، بالتالي باستغلال هذه السمات مع الدوافع والطاقة تكن من أسعد الناس بإذن الله تعالى، وإن أعظم مصادر الطاقة هي الصحة كما قال أبقراط: “الرجل الحكيم هو الَّذي يعتبر أن الصحة هي أعظم نعمة للإنسان”.
حيث إن الصحة لا تقدر بالمال، فإن كان معك مال قارون فإنك لن تستطيع أن تشتري الصحة بمال العالم كله، إن الناس في العالم أنواع، البعض يركز على الكسب المادي فقط، وينجح في ذلك في معظم الأحيان، وهؤلاء الأفراد هم المنهكون في العمل دائمًا، والذين يهربون من حياتهم الشخصية إلى العمل، وبالتالي فهو ناجح في العمل وفاشل في باقي جوانب الحياة، بالطبع لعدم توافر الوقت لديه…
وهناك نوع آخر ذو توازن معقول بين العمل والصحة فإنه يمارس الألعاب الرياضية ويأكل أكلًا صحيًا، بالتالي يتبع حمية من شأنها رفعة شأنه وله أسرة، بالتالي فهو يحدث شيئاً من التوازن بين العمل والأسرة والصحة بشكل عام، وهذا هو الأفضل من وجهة نظري، فما فائدة المال إن تدهورت صحتك العامة وأُصِبت بالأمراض؟ فإن الأموال التي جمعتها ستكون وقتها قد ذهبت هباءً…
أما النوع الثالث فهو نوع متواجد في كل دول العالم لا يسعى للمادة ولا الصحة ولا لأي شيء، قد تجدهم بلا هدف، مدمنون، أو يجلسون على المقاهي، أو يتعاطون الخمور والمخدرات وذوي مستوى منخفضٍ من الطاقة وفريسة للطاقات السلبيَّة بالطبع.
إليك قائمة بلصوص الطاقة: القلق، والهضم، والأكل غير الصحي، فهم كفيلون بجعلك تعيسًا فاحذر منهم.
اكتشفت من خلال تجربتي الشخصية أنه باستطاعة المرء أن يكسب الاهتمام والوقت والتعاون من معظم الأشخاص المرموقين في كافة دول العالم، وذلك من خلال الاهتمام الحقيقي بهم.
سواءً أكنا جزارين أم خبازين أم ملوكًا نجلس على العرش، فجميعنا يُحب التقدير، وإذا ما أردنا أن نكسب الأصدقاء لنكرس أنفسنا لخدمة الآخرين بأشياء تحتاج الوقت، والطاقة، وعدم الأنانية، والتفكير، فلا تفكر في ذاتك فقط.
إليك هذا الموقف الشخصي:
عندما كنت واقفًا في أحد أماكن شراء الطعام من مطعم مشهور يبيع الطعام التيك أواي…
نظرت ووجدت فتاة واقفة تقوم بحجز الطعام، إلا أنها غير راضية بالطبع عن العمل الممل أو الروتين كما يُقال الَّذي يتكرر يوميًا، فكافة الناس ينظرون إليها أنها آلة فقط تدور الطعام، يعطون المال دون ابتسامة ويمضون مثل الآلات دون شعور أو وعي، بالتالي انعكس ذلك على وجه هذه الفتاة.
إليك أول شيء فعلته، كنت مع صديقي فقلت لها: اسمكِ غالٍ لدي، فإنه اسم مديرتي في العمل، فبدأت تنجذب إلينا بدهشة، وتجاذبنا الحوار واستخدمت اسمها، إليك هذه الطريقة: إذا ما كنت بمكان يقدِّم الأكل نادِ على الشخص باسمه، فلا شيء ينال إعجاب الأشخاص أكثر من اسم الشخص ذاته، وبدأت أركز على الاسم والحوار، وعند الطلب قمنا بتغيير بعض الأشياء والتي كانت تستوجب دفع مبلغ إضافي، أتعلم ماذا حدث؟
قالت: لا شيء، فإنه شيء بسيط، واهتمت بالطلب وقامت بالنداء فور انتهائه، شكرتها على ذوقها، بالطبع لم يكن هذا الشعور البسيط إلا أحساس بالقيمة وأن تهم بالنشاط، فقد تغيَّر وجهها صدقني وبدا عليها النشاط والاهتمام وأنها لها قيمة.
فإذا ما قابلت رجلًا يعمل أي شيء قدره وأشعره بأهميته، ويكون الشعور حقيقيًا غير مزيف بالطبع.
إذا امتدحت أحدًا امدحه بكثرة وأغرقه بصدق مشاعرك وليس كلامًا أجوفاً، ابدأ الحديث عمَّ يحبه هو وليس عمَّ تحبه أنت.
الشعور المتبادل بين الأطراف هو الطاقة الكامنة وراء كل شيء عظيم.
فإن إشاعة شيء من الحماسة ومنح الثناء الصادق من دون أن نتوقع شيئاً في المقابل مع منح السعادة بدون مقابل أو شرط، فلو كانت أرواحنا بحجم اليوسفي فإننا سنقابل بالفشل بالطبع ويكون هذا استحقاقنا.
هناك قانون هام جدًا في السلوك الإنساني إذا اطلعنا على هذا القانون لن نقع في مشاكل، وفي الحقيقة إذا طبقناه حق التطبيق فإنه سيجلب لنا عددًا لا يُحصى من الأصدقاء، وزملاء العمل، ويقربنا من العائلة، والأسرة، ويجلب لنا السعادة اللانهائية الدائمة، ولكن إذا خرجنا عنه نخرج من هذه الدائرة بالطبع.
وهذا القانون الذهبي هو: “اجعل الشخص الآخر مهمًا”، أي يشعر بأهميته دائمًا، ويقول الدكتور جون دوي: “إن الرغبة في الأهمية هي أعمق حافز في الطبيعة الإنسانية”.
وأتذكر أنه كان لي صديق له تجربة فريدة، فكان يعمل في أحد الأماكن المخصصة للأطفال، وعلى الرغم من أن كل الزملاء قد لا يهتم بذلك فقد أبديت له اهتمامي، حيث إنه بالفعل قد شارك تجربة فريدة تستحق الاستماع والتقدير، بل ولك هذا أنني وجدت أنني لم أكن على القدر الكافي من الوعي الَّذي أصدره هذا الزميل، فإنه شارك بالفعل تجربته الفريدة مع الأطفال التي لم أجربها من قبل، مما أثر فينا جميعًا.
وعندما أبديت الاهتمام بدأت الطاقة تنتشر بدورها في المكان المحيط، في الذبذبات المحيطة
بنا إلى أن أصبحت هناك هالة من الطاقة الإيجابيَّة حولنا، بدا الكل سعيدًا من هذه التجربة بالطبع، وكنا في ميدان العمل، بالتالي انتشرت الطاقة الإيجابيَّة حولنا.
يقول البروفيسور وليم جايمس: “إن أعمق مبدأ في الطبيعة البشرية والإنسانية هو التماس الثناء”.
فإن معاملة الآخرين كما تحب أن يعاملوك هي المعيار الصادق للعلاقة.
فإذا كنت تريد استحسان من تتعامل معهم وتريد الاعتراف بقيمتك الحقيقية كما تريد أن تشعر أنك مهم في عالمك الصغير، ولا تريد أن تستمع إلى إطراء مزيف أو رخيص إن صح القول وأن يكون أصدقاؤك ومعاونوك مثلما قال شارلز شواب: “صادقون في الثناء ومسوفون في المديح”.
فكل شعب يشعر أنه الأفضل من سائر الشعوب الأخرى مما يولد الحماس، ومن ثم الحروب على أتفه الأسباب دون سبب وجيه لذلك، أتعلم لماذا؟ لأننا لا نُقدّر قيمتنا الذاتية الداخلية، ولا ندع الطاقات أن تأخذ دورها في هيكل الكون، والحقيقة واضحة كوضوح الشمس، هي أن كل إنسان يشعر أنه أفضل من غيره بطريقة ما، والوسيلة الأكيدة للدخول إلى قلبه هي أن تجعله سعيدًا وذا أهمية وأن تشكره على وقته وجهده وتعبه، وأن تشكر وتثني بسخاء، وأن تعطي بسخاء دون النظر إلى المقابل من هذا أو تلك المعاملة.
حيث قال أمرسون: “كل رجل أقابله هو أفضل مني بطريقة ما، ومن هنا أستطيع أن أتعلم منه”.
إذا ما نظرت للأمر من هذا الجانب فإنك من الممكن أن تتعلم من كل البشر ولا تقلل من أحد أبدًا مهما بدا لك أنه أقل منك فإن ذلك سيخلق نوعًا من الوعي الداخلي لديك لتتبع عظمة الآخرين، وإن عظمة الآخرين لن تبدو واضحة إليك إلا إذا لاحظت وأدركت عظمتك التي خلقك الله تعالى عليها.
تعلَّم التنفس، والتأمل، والأكل الصحي، والرياضة، واتبع الحمية الغذائية، والتمتع بالطبيعة، والأسرة، والشمس، وعش كل لحظة بالحبّ، بالأمل، بالتفاؤل، بالمجد، بالكرم، بالشجاعة، بالقبول، عش أنت كما هي.
في نهاية هذا الكتاب أود أن أكون شرحت ولو جزءًا بسيطًا عن المشاعر وكيفية التعامل معها، والدوافع والطاقات الإيجابيَّة، والقوانين الكونية، والطاقة، والذبذبات، وأن أكون ساهمت في رفع وعيك ولو بشيء بسيط، الأمر الَّذي سيسعدني بالطبع.